رابطة تكوينية يربط بها بعض المراتب ببعض بحيث لا يتجافى ولا ينتقل إلى غير مكانه ومن هنا يستنتج أن للنوع غاية تكوينية يتوجه إليها من أول وجوده حتى يبلغها.
فالجوزة الواحدة مثلا إذا استقرت في الأرض استقرارا يهيؤها للنمو على اجتماع مما يتوقف عليه النمو من العلل والشرائط كالرطوبة والحرارة وغيرهما أخذ لبها في النمو وشق القشر وشرع في ازدياد من أقطار جسمه ولم يزل يزيد وينمو حتى يصل إلى حد يعود فيه شجرة قوية خضراء مثمرة ولا يختلف حاله في مسيره هذا التكويني وهو في أول وجوده قاصدا قصدا تكوينيا إلى غايته التكوينية التي هي مرتبة الشجرة الكاملة المثمرة.
وكذا الواحد من نوع الحيوان كالواحدة من الضان مثلا لا نشك في أنها في أول تكونها جنينا متوجهة إلى غايتها النوعية التي هي مرتبة الضأنة الكاملة التي لها خواصها فلا تضل عن سبيلها التكوينية الخاصة بها إلى سبيل غيرها ولا تنسى غايتها يوما فتسير إلى غير غايتها كغاية الفيلة مثلا أو غاية شجرة الجوز مثلا فكل نوع من الأنواع التكوينية له مسير خاص في استكمال الوجود ذو مراتب خاصة مترتبة بعضها على بعض تنتهي إلى مرتبة هي غاية النوع ذاتا يطلبها طلبا تكوينيا بحركته التكوينية والنوع في وجوده مجهز بما هو وسيلة حركته وبلوغه إلى غايته.
وهذا التوجه التكويني لاستناده إلى الله يسمى هداية عامة الهية وهي كما عرفت لا تضل ولا تخطئ في تسيير كل نوع مسيره التكويني وسوقه إلى غايته الوجودية بالاستكمال التدريجي وبأعمال قواه وأدواته التي جهز بها لتسهيل مسيره إلى غايته، قال تعالى: (ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) طه: 50، وقال: (الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أهوى) الاعلى: 5.
2 - نوع الانسان غير مستثنى من كلية الحكم المذكور أعني شمول الهداية العامة له فنحن نعلم أن النطفة الانسانية من حين تشرع في التكون متوجهة إلى مرتبة انسان تام كامل له آثاره وخواصه قد قطع في مسيره مراحل الجنينية والطفولية والمراهقة والشباب والكهولة والشيب.