تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٦٧
يتلوه من تهديد مخالفي أمره ص كما لا يخفى. وهو أنسب لسياق الآية السابقة فإنها تمدح الذين يلبون دعوته ويحضرون عنده ولا يفارقونه حتى يستأذنوه وهذه تذم وتهدد الذين يدعوهم فيتسللون عنه لو إذا غير مهتمين بدعائه ولا معتنين.
ومن هنا يعلم عدم استقامة ما قيل: إن المراد بدعاء النبي ص خطابه فيجب أن فخم ولا يساوى بينه وبين غيره من الناس فلا يقال له: يا محمد ويا ابن عبد الله، بل: يا رسول الله.
وكذا ما قيل: إن المراد بالدعاء دعاؤه عليهم لو أسخطوه فهو نهي عن التعرض لدعائه عليهم بإسخاطه فإن الله تعالى لا يرد دعاءه هذا، وذلك لان ذيل الآية لا يساعد على شئ من الوجهين.
وقوله: " قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لو إذا " التسلل: الخروج من البين برفق واحتيال من سل السيف من غمده، واللواذ: الملاوذة وهو أن يلوذ الانسان ويلتجئ إلى غيره فيستتر به، والمعنى: أن الله يعلم منكم الذين يخرجون من بين الناس والحال أنهم يلوذون بغيرهم ويستترون به فينصرفون فلا يهتمون بدعاء الرسول ولا يعتنون به.
قوله: " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " ظاهر سياق الآية بما تقدم من المعنى أن ضمير " عن أمره " للنبي ص وهو دعاؤه، ففي الآية تحذير لمخالفي أمر النبي ص ودعوته من أن تصيبهم فتنة وهي البلية أو يصيبهم عذاب أليم.
وقيل: ضمير " عن أمره " راجع إلى الله سبحانه، والآية وإن لم يقع فيها أمر منه تعالى لكن نهيه المذكور بقوله: " لا تجعلوا دعاء الرسول " الخ، في معنى أجيبوا دعاء الرسول، وهو أمر، وأول الوجهين أوجه.
قوله تعالى: " ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه " اختتام للسورة ناظر إلى قوله في مفتتحها: " سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات " فما في مختتمها كالتعليل لما في مفتتحها.
فقوله: " ألا إن لله ما في السماوات والأرض " بيان لعموم الملك وأن كل شئ
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست