تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٤٦
وفيه أنه وإن دفع الاشكال غير أنه لا ينطبق على نحو إنكارهم فإنهم إنما كانوا ينكرون تكليمه وتكلمه من جهة أنه صبي في المهد بالفعل لا من جهة أنه كان قبل زمان يسير صبيا في المهد فيكون " كان زائدا مستدركا.
وأجيب عنه ثانيا: بأن قوله: " كيف نكلم " لحكاية الحال الماضية و " من " موصولة والمعنى كيف نكلم الموصوفين بأنهم في المهد أي لم نكلمهم إلى الان حتى نكلم هذا. وهذا الوجه أيضا للزمخشري في الكشاف.
وفيه أنه وإن استحسنه غير واحد لكنه معنى بعيد عن الفهم!
وأجيب عنه ثالثا أن كان زائد للتأكيد من غير دلالة على الزمان، و " من في المهد " مبتدأ وخبر، وصبيا حال مؤكدة.
وفيه أنه لا دليل عليه، على أنه زيادة موجبة للالتباس من غير ضرورة على أنه قيل: إن " كان " الزائدة تدل على الزمان وإن لم تدل على الحدث.
وأجيب عنه رابعا بأن " من " في الآية شرطية و " كان في المهد صبيا " شرطها وقوله: " كيف نكلم " في محل الجزاء والمعنى من كان في المهد صبيا لا يمكن تكليمه والماضي في الجملة الشرطية بمعنى المستقبل فلا إشكال.
وفيه أنه تكلف ظاهر.
ويمكن أن يقال: إن " كان " منعزلة عن الدلالة على الزمان لما في الكلام من معنى الشرط والجزاء فإنه في معنى من كان صبيا لا يمكن تكليمه أو أن كان جئ بها للدلالة على ثبوت الوصف لموصوفة ثبوتا يقضى مضيه عليه وتحققه فيه ولزومه له كقوله تعالى: " قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا " أسرى 93 أي أن البشرية والرسالة تحققا في فلا يسعني ما لا يسع البشر الرسول، وقوله تعالى: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا اسرى 36 أي إن النصرة لازمة له بجعلنا لزوم الوصف الماضي لموصوفه ويكون المعنى كيف نكلم صبيا في المهد ممعنا في صباه من شأنه أنه لبث وسيلبث في صباه برهة من الزمان.
والله أعلم.
قوله تعالى: " قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا " شروع منه عليه السلام
(٤٦)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، القتل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست