تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٤
من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم (37) - أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين (38) - وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الامر وهم في غفله وهم لا يؤمنون (39) - إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون (40) - (بيان) انتقال من قصة يحيى إلى قصة عيسى عليهما السلام وبين القصتين شبها تاما فولادتهما على خرق العادة وقد أوتي عيسى الرشد والنبوة وهو صبي كيحيى، وقد أخبر أنه بر بوالدته وليس بجبار شقى وأن السلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا كما أخبر الله عن يحيى عليه السلام بذلك إلى غير ذلك من وجوه الشبه وقد صدق يحيى بعيسى وآمن به.
قوله تعالى: " واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا المراد بالكتاب القرآن أو السورة فهي جزء من الكتاب وجزء الكتاب كتاب والاحتمالان من حيث المآل واحد فلا كثير جدوى في اصرار بعضهم على تقديم الاحتمال الثاني وتعيينه.
والنبذ - على ما ذكره الراغب - طرح الشئ الحقير الذي لا يعبأ به يقال نبذه إذا طرحه مستحقرا له غير معتن به والانتباذ الاعتزال من الناس والانفراد.
ومريم هي أبنة عمران أم المسيح عليهما السلام، والمراد بمريم نبأ مريم وقوله:
" إذا " ظرف له، وقوله: " انتبذت " إلى آخر القصة تفصيل المظروف الذي هو نبأ مريم، والمعنى واذكر يا محمد في هذا الكتاب نبأ مريم حين اعتزلت من أهلها في مكان شرقي، وكأنه شرقي المسجد.
قوله تعالى: " فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا " الحجاب ما يحجب الشئ ويستره عن غيره، وكأنها اتخذت الحجاب من دون
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست