تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٨٩
وفيه استهانة بأمرهم وأنه لا يعجل بعذابهم لانهم لا يفوتونه.
وقوله: " سأريكم آياتي فلا تستعجلون " الآية الآتية تشهد بأن المراد بإراءة الآيات تعذيبهم بنار جهنم وهي قوله لو يعلم الذين كفروا حين " الخ.
قوله تعالى ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " القائلون هم الذين كفروا والمخاطبون هم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنون وكان مقتضى الظاهر أن يقولوا؟ إن كنت من الصادقين لكنهم عدلوا إلى ما ترى ليضيفوا إلى تعجيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمطالبته ما لا يقدر عليه إضلال المؤمنين به وإغراءهم عليه والوعد هو ما اشتملت عليه الآية السابقة وتفسره الآية اللاحقة. قوله تعالى: " لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون " " لو " للتمني و " حين " مفعول يعلم على ما قيل، وقوله " لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم " أي لا يدفعونها حيث تأخذهم من قدامهم ومن خلفهم وفيه إشارة إلى إحاطتها بهم.
وقوله: " ولا هم ينصرون " معطوف على ما تقدمه لرجوع معناه إلى الترديد بالمقابلة والمعنى لا يدفعون النار باستقلال من أنفسهم ولا بنصر من ينصرهم على دفعه.
والآية في موضع الجواب لسؤالهم عن الموعد، والمعنى ليت الذين كفروا يعلمون الوقت الذي لا يدفعون النار عن وجوههم ولا عن ظهورهم لا باستقلال من أنفسهم ولا هم ينصرون في دفعها.
قوله تعالى: " بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون " الذي يقتضيه السياق أن فاعل تأتيهم ضمير راجع إلى النار دون الساعة كما ذهب إليه بعضهم، والجملة إضراب عن قوله في الآية السابقة: " لا يكفون " الخ. لا عن مقدر قبله تقديره لا تأتيهم الآيات بحسب اقتراحهم بل تأتيهم بغتة، ولا عن قوله: " لو يعلم الذين كفروا " بدعوى أنه في معنى النفي والتقدير لا يعلمون ذلك بل تأتيهم بغتة فإن هذه كلها وجوه يأبى عنها السياق.
ومعنى إتيان النار بغتة أنها تفاجؤهم حيث لا يدرون من أين تأتيهم وتحيط بهم
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست