كفورا " تصريف الأمثال ردها وتكرارها وتحويلها من بيان إلى بيان ومن أسلوب إلى أسلوب، والمثل هو وصف المقصود بما يمثله ويقربه من ذهن السامع و " من " في قوله: " من كل مثل " لابتداء الغاية والمراد من كل مثل يوضح لهم سبيل الحق ويمهد لهم طريق الايمان والشكر بقرينة قوله: " فأبى أكثر الناس إلا كفورا " والكلام مسوق للتوبيخ والملامة.
وفى قوله: " أكثر الناس " وضع الظاهر موضع المضمر والأصل أكثرهم ولعل الوجه فيه الإشارة إلى أن ذلك مقتضى كونهم ناسا كما مر في قوله: " وكان الانسان كفورا " أسرى: 67.
والمعنى وأقسم لقد كررنا للناس في هذا القرآن من كل مثل يوضح لهم الحق ويدعوهم إلى الايمان بنا والشكر لنعمنا فأبى أكثر الناس إلا ان يكفروا ولا يشكروا.
قوله تعالى: " وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا - إلى قوله - كتابا نقرؤه " الفجر الفتح والشق وكذلك التفجير إلا أنه يفيد المبالغة والتكثير، والينبوع العين التي لا ينضب ماؤها وخلال الشئ وسطه وأثناؤه، والكسف جمع كسفة كقطع جمع قطعه وزنا ومعنى، والقبيل هو المقابل كالعشير والمعاشر والزخرف الذهب، والرقي الصعود والارتقاء.
والآيات تحكى الآيات المعجزة التي اقترحتها قريش على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلقوا إيمانهم به عليها مستهينة بالقرآن الذي هو معجزة خالدة.
والمعنى " وقالوا " اي قالت قريش " لن نؤمن لك " يا محمد " حتى تفجر وتشق " لنا من الأرض " ارض مكة لقلة مائها " ينبوعا " عينا لا ينضب ماؤها " أو تكون " بالاعجاز " لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار " اي تشقها أو تجريها " خلالها " اي وسط تلك الجنة وأثناءها " تفجيرا " " أو تسقط السماء كما زعمت اي مماثلا لما زعمت يشيرون (1) به إلى قوله تعالى: " أو نسقط عليهم كسفا من السماء: السبأ " 9 " علينا كسفا " وقطعا " أو تأتي بالله والملائكة قبيلا " مقابلا نعاينهم ونشاهدهم