" ويسألونك عن الروح " قال: هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه لكل وجه منها سبعون ألف لسان لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة أقول: كون الروح من الملائكة لا يوافق ظاهر عدة من آيات الكتاب كقوله: " ينزل الملائكة بالروح من أمره " النحل: وغيره من الآيات، وقد تقدم في ذيل قوله تعالى: " ينزل الملائكة بالروح من أمره " من سورة النحل حديث علي عليه السلام وفيه إنكاره أن يكون الروح ملكا واحتجاجه على ذلك بالآية فالعبرة في أمر الروح بما يأتي.
وفي الكافي بإسناده عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى " قال: خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مع الأئمة وهو من الملكوت.
أقول: وفي معناه روايات أخر، والرواية توافق ما تقدم توضيحه من مدلول الآيات.
وفي تفسير العياشي عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام عن قوله " يسألونك عن الروح قال: إن الله تبارك وتعالى أحد صمد والصمد الشئ الذي ليس له جوف فإنما الروح خلق من خلقه له بصر وقوة وتأييد يجعله في قلوب الرسل والمؤمنين.
أقول: وإنما تعرض في صدر الرواية بما تعرض دفعا لما يتوهم من مثل قوله تعالى:
" ونفخت فيه من روحي " أن هناك جوفا ونفسا منفوخا.
وفيه عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن قوله: " ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي " ما الروح؟ قال: التي في الدواب والناس قلت: وما هي؟ قال: من الملكوت من القدرة.
أقول: وهذه الروايات تؤيد ما تقدم في بيان الآية أن الروح المسؤول عنه حقيقة وسيعة ذات مراتب مختلفة، وأيضا ظاهر هذه الرواية كون الروح الحيواني مجردا من الملكوت.