" أو يكون لك بيت من زخرف " وذهب " أو ترقى " وتصعد " في السماء ولن نؤمن لرقيك " وصعودك " حتى تنزل علينا منها " كتابا نقرؤه " ونتلوه.
قوله تعالى: " قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا " فيه امره صلى الله عليه وآله وسلم ان يجيب عما اقترحوه عليه وينبههم على جهلهم ومكابرتهم فيما لا يخفى على ذي نظر فإنهم سألوه أمورا عظاما لا يقوى على أكثرها إلا القدرة الغيبية الإلهية وفيها ما هو مستحيل بالذات كالاتيان بالله والملائكة قبيلا، ولم يرضوا بهذا المقدار ولم يقنعوا به دون ان جعلوه هو المسؤول المتصدي لذلك المجيب لما سألوه فلم يقولوا لن نؤمن لك حتى تسأل ربك ان يفعل كذا وكذا بل قالوا: لن نؤمن لك حتى تفجر " الخ " أو تكون لك الخ " أو تسقط السماء " الخ " أو تأتي بالله " الخ " أو يكون لك " الخ " أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ".
فإن أرادوا منه ذلك بما أنه بشر فأين البشر من هذه القدرة المطلقة غير المتناهية المحيطة حتى بالمحال الذاتي، وإن أرادوا منه ذلك بما أنه يدعى الرسالة فالرسالة لا تقتضي إلا حمل ما حمله الله من أمره وبعثه لتبليغه بالانذار والتبشير لا تفويض القدرة الغيبية إليه وإقداره أن يخلق كل ما يريد، ويوجد كل ما شاؤوا، وهو صلى الله عليه وآله وسلم لا يدعي لنفسه ذلك فاقتراحهم ما اقترحوه مع ظهور الامر من عجيب الاقتراح.
ولذلك أمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يبادر في جوابهم أولا إلى تنزيه ربه مما يلوح إليه اقتراحهم هذا من المجازفة وتفويض القدرة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يبعد أن يستفاد منه التعجب فالمقام صالح لذلك.
وثانيا: " إلى الجواب قوله في صورة الاستفهام: " هل كنت إلا بشرا رسولا وهو يؤيد كون قوله: " سبحان ربي " واقعا موقع التعجب أي إن كنتم اقترحتم على هذه الأمور وطلبتموها مني بما أنا محمد فإنما أنا بشر ولا قدره للبشر على شئ من هذه الأمور، وإن كنتم اقترحتموها لأني رسول أدعي الرسالة فلا شأن للرسول إلا حمل الرسالة وتبليغها لا تقلد القدرة الغيبية المطلقة.
وقد ظهر بهذا البيان أن كلا من قوله: " بشرا " و " رسولا " دخيل في استقامة الجواب عن اقتراحهم أما قوله: " بشرا " فليرد به اقتراحهم عليه أن يأتي بهذه