الآيات عن قدرته في نفسه وأما قوله: " رسولا " فليرد به اقتراح ايتائها عن قدرة مكتسبة من ربه.
وذكر بعضهم ما محصله أن معتمد الكلام هو قوله: " رسولا " وقوله: " بشرا " توطئة له ردا لما أنكروه من جواز كون الرسول بشرا، ودلالة على أن من قبله من الرسل كانوا كذلك، والمعنى على هذا هل كنت الا بشرا رسولا كسائر الرسل وكانوا لا يأتون الا بما أجراه على أيديهم من غير أن يفوض إليهم أو يتحكموا على ربهم بشئ.
قال: وجعل " بشرا " و " رسولا " كليهما معتمدين مخالف لما يظهر من الآثار أولا فإن الذي ورد في الآثار أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسال ربه أن يفعل كذا وكذا، ولم يسألوه أن يأتيهم بشئ من قبل نفسه حتى يشار إلى رده بإثبات بشريته، ومستلزم لكون رسولا خبرا بعد خبر وكونهما خبرين لكان يأباه الذوق السليم.
انتهى محصلا.
وفيه أولا: أن أخذ قوله: " بشرا " ردا على زعمهم عدم جواز كون الرسول بشرا مع عدم اشتمال الآيات على مزعمتهم هذه لا تصريحا ولا تلويحا تحميل من غير دليل.
وثانيا: " أن الذي ذكره في معنى الآية " هل كنت الا بشرا رسولا كسائر الرسل وكانوا لا يأتون إلا كذا وكذا معتمد الكلام فيه هو التشبيه الذي في قوله: " كسائر الرسل " لا قوله " رسولا " وفي حذف معتمد الكلام إفساد السياق فافهم ذلك.
وثالثا: أن اشتمال الآثار على أنهم انما سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسأل ربه الاتيان بتلك الآيات من غير أن يسألوه نفسه أن يأتي بها، لا يعارض نص الكتاب بخلافه، والذي حكاه الله عنهم أنهم قالوا: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا " الخ " فتفجر الأنهار " الخ " أو تسقط السماء " الخ " وهذا من عجيب المغالاة في حق الآثار وتحكيمها على كتاب الله وتقديمها عليه حتى في صورة المخالفة.
ورابعا: أن اباء الذوق السليم عن تجويز كون " رسولا " خبرا بعد خبر لا يظهر له وجه.
قوله تعالى: " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا "