فعلى المؤمنين أن يمتثلوا أمر القتال بل يتسارعوا إليه ويتسابقوا فيه ليظهروا بذلك صفاء جوهرهم وحقيقة إيمانهم ويحتجوا به على ربهم يوم لا نجاح فيه إلا بحجة الحق.
فقوله: (أم حسبتم أن تتركوا) أي بل أظننتم ان تتركوا على ما أنتم عليه من الحال ولما تظهر حقيقة صدقكم في دعوى الايمان بالله وبآياته.
وقوله: (ولما يعلم الله) الآية أي ولما يظهر في الخارج جهادكم وعدم اتخاذكم من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة فان تحقق الأشياء علم منه تعالى بها وقد مر نظير الكلام مع بسط ما في تفسير قوله تعالى: (أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم) الآية آل عمران: 142 في الجزء الرابع من الكتاب. ومن الدليل على هذا الذي ذكرنا في معنى العلم قوله في ذيل الآية: (والله خبير بما تعملون).
والوليجة على ما في مفردات الراغب كل ما يتخذه الانسان معتمدا عليه وليس من أهله.
(بحث روائي) في تفسير القمي في قوله تعالى: (براءة من الله ورسوله) حدثني أبي عن محمد بن الفضل عن ابن أبي عمير عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة.
قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة، وكان سنة من العرب في الحج انه من دخل مكة وطاف البيت في ثيابه لم يحل له إمساكها، وكانوا يتصدقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف فكان من وافى مكة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثم يرده، ومن لم يجده عارية ولا كرى و لم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا.
فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عارية أو كرى فلم تجده فقالوا لها: إن طفت في ثيابك احتجت ان تتصدقي بها فقالت: كيف أتصدق وليس لي غيرها؟ فطافت بالبيت عريانة وأشرف لها الناس فوضعت إحدى يديها على قبلها والاخرى على دبرها وقالت شعرا: