ومتى ما ظفرتم بهم في شهر حرام أو غيره، ومن أخذهم أو حصرهم أو القعود لهم في كل مرصد حتى يفنوا عن آخرهم.
قوله تعالى: (فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم) اشتراط في معنى الغاية للحكم السابق، والمراد بالتوبة معناها اللغوي وهو الرجوع أي ان رجعوا من الشرك إلى التوحيد بالايمان ونصبوا لذلك حجة من أعمالهم وهى الصلاة والزكاة والتزموا احكام دينكم الراجعة إلى الخالق جميعا فخلوا سبيلهم.
وتخلية السبيل كناية عن عدم التعرض لسالكيه وان عادت مبتذلة بكثرة التداول كأن سبيلهم مسدودة مشغولة بتعرض المتعرضين فإذا خلى عنها كان ذلك ملازما أو منطبقا على عدم التعرض لهم.
وقوله: (ان الله غفور رحيم) تعليل لقوله: (فخلوا سبيلهم) إما من جهة الامر الذي يدل عليه بصورته أو من جهة المأمور به الذي يدل عليه بمادته أعني تخلية سبيلهم والمعنى على الأول: وإنما أمر الله بتخلية سبيلهم لأنه غفور رحيم يغفر لمن تاب إليه ويرحمه.
وعلى الثاني: خلوا سبيلهم لان تخليتكم سبيلهم من المغفرة والرحمة، وهما من صفات الله العليا فتتصفون بذلك بصفة ربكم، وأظهر الوجهين هو الأول.
قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) إلى آخر الآية، الآية تتضمن حكم الإجارة لمن استجار من المشركين لان يسمع كلام الله، وهى بما تشتمل عليه من الحكم وان كانت معترضة أو كالمعترضة بين ما يدل على البراءة ورفع الأمان عن المشركين إلا أنها بمنزلة دفع الدخل الواجب الذي لا يجوز إهماله فان أساس هذه الدعوة الحقة وما يصاحبها من الوعد والوعيد والتبشير والانذار، وما يترتب عليه من عقد العقود وإبرام العهود أو النقض والبراءة واحكام القتال كل ذلك انما هو لصرف الناس عن سبيل الغى والضلال إلى صراط الرشد والهدى، وانجائهم من شقاء الشرك إلى سعادة التوحيد.
ولازم ذلك الاعتناء التام بكل طريق يرجى فيه الوصول إلى هداية ضال والفوز باحياء حق وان كان يسيرا قليلا فان الحق حق وان كان يسيرا والمشرك غير المعاهد