جئ به بالفصل، والتقدير: كيف يكون لهم عهد وهم يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون.
وأما قوله: (وأكثرهم فاسقون) ففيه بيان أن أكثرهم ناقضون للعهد والميثاق بالفعل من غير أن ينتظروا ظهورهم جميعا عليكم فالآية توضح حال آحادهم وجميعهم بان أكثرهم فاسقون بنقض العهد من غير أن يرقبوا في مؤمن إلا ولا ذمة، ولو أنهم ظهروا عليكم جميعا لم يرقبوا فيكم الال والذمة.
قوله تعالى: (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا) إلى آخر الآيتين، بيان وتفسير لقوله في الآية السابقة: (وأكثرهم فاسقون) وكان قوله: (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا) إلى آخر الآية توطئة وتمهيد لقوله في الآية الثانية (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.) وبذلك يظهر أن الأقرب أن المراد بالفسق الخروج عن العهد والذمة دون الفسق بمعنى الخروج عن زي عبودية الله سبحانه وإن كان الامر كذلك.
وقوله: (وأولئك هم المعتدون) كالتفسير لجميع ما مر من أحوالهم الروحية وأعمالهم الجسمية، وتفيد الجملة مع ذلك جوابا عن سؤال مقدر أو ما يجرى مجراه والمعنى: إذا كان هذا حالهم وهذه أفعالهم فلا تحسبوا ان لو نقضتم عهدهم اعتديتم عليهم فأولئك هم المعتدون عليكم لما أضمروه من العداوة والبغضاء ولما أظهره أكثرهم في مقام العمل من الصد عن سبيل الله، وعدم رعاية قرابة ولا عهد في المؤمنين.
قوله تعالى: (فان تابوا وأقاموا الصلاة) إلى آخر الآيتين، الآيتان بيان تفصيلي لقوله فيما تقدم: (فان تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا انكم غير معجزى الله).
والمراد بالتوبة بدلالة السياق الرجوع إلى الايمان بالله وآياته، ولذلك لم يقتصر على التوبة فقط بل عطف عليها إقامة الصلاة التي هي أظهر مظاهر عبادة الله، وإيتاء الزكاة الذي هو أقوى أركان المجتمع الديني، وقد أشير بهما إلى نوع الوظائف الدينية التي باتيانها يتم الايمان بآيات الله بعد الايمان بالله عز اسمه فهذا معنى قوله: (تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة).
واما قوله: (فإخوانكم في الدين) فالمراد به بيان التساوي بينهم وبين سائر المؤمنين