فيها الولاية بين المؤمنين المهاجرين والأنصار وبين المؤمنين غير المهاجرين إلا ولاية النصرة إذا استنصروهم بشرط ان يكون الاستنصار على قوم ليس بينهم وبين المؤمنين ميثاق.
قوله تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) أي ان ولايتهم بينهم لا تتعداهم إلى المؤمنين فليس للمؤمنين ان يتولوهم، وذلك أن قوله ههنا في الكفار: (بعضهم أولياء بعض) كقوله في المؤمنين: (أولئك بعضهم أولياء بعض) إنشاء وتشريع في صورة الاخبار، وجعل الولاية بين الكفار أنفسهم لا يحتمل بحسب الاعتبار إلا ما ذكرناه من نفى تعديه عنهم إلى المؤمنين.
قوله تعالى: (إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) إشارة إلى مصلحة جعل الولاية على النحو الذي جعلت، فان الولاية مما لا غنى عنها في مجتمع من المجتمعات البشرية سيما المجتمع الاسلامي الذي أسس على اتباع الحق وبسط العدل الإلهي كما أن تولى الكفار وهم أعداء هذا المجتمع يوجب الاختلاط بينهم فيسرى فيه عقائدهم وأخلاقهم، وتفسد سيرة الاسلام المبنية على الحق بسيرهم المبنية على اتباع الهوى وعبادة الشيطان، وقد صدق جريان الحوادث في هذه الآونة ما أشارت إليه هذه الآية.
قوله تعالى: (والذين آمنوا وهاجروا) إلى آخر الآية اثبات لحق الايمان على من اتصف بآثاره اتصافا حقا، ووعد لهم بالمغفرة والرزق الكريم.
قوله تعالى: (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) خطاب للمهاجرين الأولين والأنصار وإلحاق من آمن وهاجر وجاهد معهم بهم فيشاركونهم في الولاية.
قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) إلى آخر الآية.
جعل للولاية بين أولى الأرحام والقرابات، وهى ولاية الإرث فان سائر أقسام الولاية لا ينحصر فيما بينهم.
والآية تنسخ ولاية الإرث بالمواخاة التي أجراها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المسلمين في أول الهجرة، وتثبت الإرث بالقرابة سواء كان هناك ذو سهم أو لم يكن أو كان عصبة أو لم يكن فالآية مطلقة كما هو ظاهر.