من المشركين ورسوله) الاذان هو الاعلام، وليست الآية تكرارا لقوله تعالى السابق (براءة من الله ورسوله) فإن الجملتين وان رجعتا إلى معنى واحد وهو البراءة من المشركين إلا ان الآية الأولى إعلام البراءة وإبلاغه إلى المشركين بدليل قوله في ذيل الآية: (إلى الذين عاهدتم من المشركين) بخلاف الآية الثانية فإن وجه الخطاب فيه إلى الناس ليعلموا براءة الله ورسوله من المشركين، ويستعدوا ويتهيأوا لانفاذ أمر الله فيهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم بدليل قوله: (إلى الناس) وقوله تفريعا: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) إلى آخر الآية.
وقد اختلفوا في تعيين المراد بيوم الحج الأكبر على أقوال:
منها: أنه يوم النحر من سنة التسع من الهجرة لأنه كان يوما اجتمع فيه المسلمون والمشركون ولم يحج بعد ذلك العام مشرك، وهو المؤيد بالأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت عليهما السلام والأنسب بأذان البراءة، والاعتبار يساعد عليه لأنه كان أكبر يوم اجتمع فيه المسلمون والمشركون من أهل الحج عامة بمنى وقد ورد من طرق أهل السنة روايات في هذا المعنى غير أن مدلول جلها أن الحج الأكبر اسم يوم النحر فيتكرر على هذا كل سنة ولم يثبت من طريق النقل تسمية على هذا النحو.
ومنها: أنه يوم عرفة لان فيه الوقوف، والحج الأصغر هو الذي ليس فيه وقوف وهو العمرة، وهو استحسان لا دليل عليه، ولا سبيل إلى تشخيص صحته.
ومنها: أنه اليوم الثاني ليوم النحر لان الامام يخطب فيه وسقم هذا الوجه ظاهر.
ومنها: أنه جميع أيام الحج كما يقال: يوم الجمل، ويوم صفين، ويوم بغاث، ويراد به الحين والزمان، وهذا القول لا يقابل سائر الأقوال كل المقابلة فإنه انما يبين أن المراد باليوم جميع أيام الحج، وأما وجه تسمية هذا الحج بالحج الأكبر فيمكن أن يوجه ببعض ما في الأقوال السابقة كما في القول الأول.
وكيف كان فالاعتبار لا يساعد على هذا القول لان وجود يوم بين أيام الحج يجتمع فيه عامة أهل الحج يتمكن فيه من أذان براءة كل التمكن كيوم النحر يصرف قوله: (يوم الحج الأكبر) إلى نفسه، ويمنع شموله لسائر أيام الحج التي لا يجتمع فيها الناس ذاك الاجتماع.