تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٢٦
كقولها: إن ملكي صادق ملك (شاليم) اخرج إليه خبزا وخمرا وكان كاهنا لله العلى وباركه (1).
ومن ذلك قولها: أن إبراهيم أخبر تارة رؤساء فرعون مصر أن سارة أخته ووصى سارة أن تصدقه في ذلك إذ قال لها: قولي: إنك أختي ليكون لي خير بسببك، وتحيا نفسي من أجلك، وأظهر تارة أخرى لأبي مالك ملك حرار أنها أخته، فأخذها للزوجية فرعون تارة، وأبى مالك أخرى، ثم ذكرت التوراة تأول إبراهيم في قوله: (إنها أختي) مرة بأنها أختي في الدين، واخرى أنها ابنة أبى من غير أمي فصارت لي زوجة.
وأيسر ما في هذا الكلام أن يكون إبراهيم (وحاشا مقام الخليل) يعرض زوجته سارة لأمثال فرعون وأبى مالك مستغلا بها حتى يأخذاها زوجة وهى ذات بعل وينال هو بذلك جزيل العطاء ويستدرهما بما عندهما من الخير!.
على أن كلام التوراة صريح في أن سارة كانت عندئذ وخاصة حينما أخذها أبى مالك عجوزا قد عمرت سبعين أو أكثر، والعادة تقضى أن المرأة تفتقد في سن العجائز نضارة شبابها ووضاءة جمالها، والملوك والجبابرة المترفون لا يميلون إلى غير الفتيات البديعة جمالا الطرية حسنا.
وربما وجد ما يشاكل هذا المعنى في بعض الروايات ففي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات

(1) - ربما وجهوا ان ملكي صادق هذا كاهن الرب هو (أمراقل) ملك شنعار المذكور في أول القصة وهو (حمورابي) الملك صاحب الشريعة الذي هو أحد السلالة الأولى من ملوك بابل، وقد اختلف في تاريخ ملكه اختلافا شديدا لا ينطبق أكثر ما قيل فيه زمان حياة إبراهيم وهو (200) ق م فقد ذكر في كتاب العرب قبل الاسلام انه تملك بابل سنة 2287 - 2232 ق م وفى شريعة حمورابي نقلا عن أقدم شرائع العالم للأستاذ ف. ادوارد أن سني ملكه 2205 - 2167 ق. م، وفى قاموس اعلام الشرق والغرب انه تولى سلطنة بابل سن 17278 - 1686 ق. م وفى قاموس الكتاب المقدس أنه تولاها سنة 1975 - 1920 ق م.
وأوضح ما ينافي هذا الحدث ان الذي اكتشفوا من النصب في خرائب بابل وعليها شريعة حمورابي تشتمل على ذكر عدة من آلهة البابليين، ويدل على كون حمورابي من الوثنيين، ولا يستقيم عليه ان يكون كاهنا للرب.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست