شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ٨١
واما الوجود العقلي فمثاله قوله تعالى يد الله فوق أيديهم وقوله خمرت طينة ادم بيدي أربعين صباحا فمن قام عنده البرهان على استحالة الجارحة عليه تعالى محسوسة أو متخيلة أثبت له يدا عقلية روحانية أعني ما به يبطش ويفعل ويعطى ويمنع والله تعالى يعطى ويمنع بالملائكة كما قال (ع) أول ما خلق الله العقل فقال وبك اعطى وبك امنع واما الوجود الشبهي فمثاله الغضب والفرح وغير هما مما ورد في حقه تعالى فان للغضب مثلا حقيقة أعني غليان دم القلب لإرادة التشفي وهذا لا ينفك عن نقصان وانفعال فمن قام عنده البرهان على استحالة هذا نزل على ثبوت صفة أخرى يصدر منها ما يصدر من الغضب كإرادة العقاب والإرادة لا يناسب الغضب ويمكن ان يكون هذا أيضا مثالا للوجود العقلي فان الغضب في البدن ثوران دم القلب وفى النفس حالة نفسانية انفعالية وفى العقل صفة فعلية وفى الواجب القهارية وهي روح الغضب وما في عالم الصورة صورته فهذه درجات التأويلات إذا علمت هذا فاعلم أن كل من نزل قولا من أقوال الشرع على درجة من هذه الدرجات فهو من المصدقين وانما التكذيب ان ينفى جميع هذه المعاني ويزعم أن ما قاله لا معنى له وانما هو كذب محض وغرضه فيما قاله التلبيس والمصلحة الدنياوية وذلك هو الكفر المحض ولا يلزم كفر المؤلين ما داموا ملازمين قانون التأويل وكيف يلزم الكفر وما من فريق من أهل الاسلام الا وهو مضطر إليه فان ابعد الناس عن التأويل احمد ابن حنبل وابعد التأويلات الوجود العقلي والشبهي والحنبلي مضطر إليه فقد قيل إن احمد ابن حنبل صرح بتأويل ثلث أحاديث فقط أحدها قوله (ص ع) الحجر الأسود يمين الله في الأرض والثاني قوله قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن والثالث قوله صلى الله عليه وآله انى لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن فحيث قام البرهان عنده على استحاله ظاهره قال اليمين يقبل في العادة تقربا إلى صاحبها والحجر الأسود أيضا يقبل تقربا إلى الله فهو مثل اليمين لافى ذاته وصفاته بل في عارض من عوارضه وهذا هو الوجود الشبهي وهو ابعد التأويلات وكذا من فتش عن صدره لم يحس فيه الإصبعين فأوله على روح الإصبعين وروح الإصبع ما به يتيسر تقليب الأشياء وقلب المؤمن بين لمة الملك ولمة الشيطان وبهما يقلب الله القلوب وكذا نفس الرحمن عبارة عن هبوب نسايم التجليات واليمن عالم العقل كما أن الوادي الأيمن عبارة عن عالم العقل الذي هو الركن الأيمن الاعلى من العرش الذي هو الوجود المنبسط لأنه أقوى جانبيه كما أن عالم الجسم أضعف جانبيه وانما اقتصر احمد على تأويل هذه الثلث لكونه غير ممعن في النظر العقلي والا لجاوز عنها في التأويل وأقرب المتكلمين إلى الحنابلة هم الأشاعرة في الأمور
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»