الا الذهب وقس عليه الهلاكة والغرق وأمثالهما فان الألفاظ موضوعة للمعاني العامة الشاملة للحقايق والرقايق يا من اضحك وأبكى في المجمع أي فعل سبب الضحك والبكاء من السرور والحزن عن عطا والجبائي وقيل اضحك أهل الجنة في الجنة وأبكى أهل النار في النار عن مجاهد والضحاك وفيه أيضا وقيل اضحك الأشجار بالأوراق وأبكى السحاب بالأمطار واضحك المطيع بالرحمة وأبكى العاصي بالسخط انتهى والقول الأخير بناؤه على ما ذكرنا من كون الموضوع له هو المعنى العام ثم إن سبب الضحك ان الانسان يدرك صورة مستحسنة وشيئا لذيذا فيتحرك الروح البخاري والدم الذي هو مركبه إلى الخارج وينبسطان فيتمدد لذلك أعصاب الصدر والوجه وينفتح منافذ هما ويتسع أفضيتهما فيحدث شكل الضحك في الوجه والفم وكلما كان الروح أو فرو كانا اقبل للانبساط كان السرور والضحك أكثر وسبب البكاء انه إذا حدث به حالة مضادة لشهوته وطبيعته وأدرك الامر الغير الملايم له تحرك الروح إلى الباطن هربا من الموذي فيتمدد الأعصاب نحو الباطن ويضيق أفضية الدماغ والعصبتين والصدر وينعصر منافذها ويحدث شكل البكاء ويخرج حينئذ بالضرورة ما في الدماغ من الرطوبات الرقيقة بالدمع والمخاط كما يخرج الماء من الإسفنجة المغموسة فيه عند غمر اليد عليها وسبب حصول تلك الرطوبات هو ان الألم الموجب للبكاء يسخن القلب لتوجه الدم والروح إليه ويرتفع منه ومن نواحيه حينئذ أبخرة حارة إلى الدماغ تذيب الرطوبات التي فيه وترققها وتسيلها ثم تبرد هي بنفسها وتغلظ حين وقوفها فيه فتصير رطوبات ولا تنفذ لغلظها في (الماينخسين) أعني حجابي الدماغ الرقيق المجاور له والغليظ المجاور للقحف ويسميان أمي الدماغ ولأنها تصعد دفعة وهي كثيرة والأمان لصفاقتهما لا يتحلل شئ فيهما الا في زمان طويل فيدفعها الدماغ بالعصر إلى جهة العين لاتصال الأمين بها فتخرج من الدروز التي عند الحاجب ويكون حارة لبقية الحرارة الحادثة له بالغليان في القلب وكلما ان الموجب أقوى كان الدمع أحر يا من أمات وأحيى أي إماتة بالموت الطبيعي بخراب البدن ونفخة الفزع ونفخة الصعق واحياء بحيوة طبيعية نفسية أو عقلية أو لاهوتية وإماتة بالموت الاختياري الذي هو قمع هوى النفس وقتلها وقلع شهواتها كما في الحديث موتوا قبل ان تموتوا وحاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا وقال الإمام جعفر ابن محمد الصادق عليهما السلام الموت هو التوبة قال الله تعالى فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم
(١٤٨)