شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ١٤٧
اختار لنفسه ذلك الطور والشأن كما قال العرفاء الشامخون وهذا هو التسوية بينهم في الاحكام والاتقان وأيضا جعله سويا ووسطا حيث إن فيض الوجود إذ لا بداية له ولا نهاية وكمال الحقيقة لما لم يكن له مفتتح وغاية كان كالكرة فان كل نقطة تفرض في سطحها وسط حيث لم يبتد ببداية ولم ينته بنهاية لان الخط طرف السطح ولا خط هنا يا من قدر فهدى في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى والذي قدر فهدى أي قدر الخلق على ما خلقهم فيه من الصور والهيئات واجري لهم أسباب معايشهم من الأرزاق والأقوات ثم هديهم إلى دينه ومعرفة توحيده باظهار الدلالات والبينات وقيل معناه قدر أقواتهم وهداهم لطلبها وقيل قدرهم على ما اقتضته حكمته فهدى أي ارشد كل حيوان إلى ما فيه منفعته ومضرته حتى أنه سبحانه هدى الطفل إلى ثدي امه وهدى الفرخ حتى يطلب الرزق من أبيه وامه والدواب والطيور حتى فرغ كل منهم إلى امه وطلب المعيشة من جهته سبحانه وقيل قدر هم ذكورا وأناثا وهدى الذكر كيف يأتي الأنثى عن مقاتل والكلبي وقيل هدى لسبيل الخير والشر عن مجاهد وقيل قدر الولد تسعة أشهر أو أقل أو أكثر ثم هدى للخروج منه للتمام عن السدى وقيل قدر المنافع في الأشياء وهدى الانسان لاستخراجها منه فجعل بعضها غذاء وبعضها دواء وبعضها سما وهدى إلى ما يحتاج استخراجها من الجبال والمعادن كيف تستخرج وكيف تستعمل انتهى وانى لأقضي العجب كل العجب من هؤلاء القائلين الذين نقل الشيخ قدس سره أقوالهم انه ما الذي دعاهم إلى التخصيص وهو تعالى حذف المفعول للتعميم فقدر كل شئ تقديرا وهداه إلى ما يليق به ويرتضيه بحسب مهيته هداية تكوينية عامة وجميع ما ذكروه من أنواع الاهتداء من جزئيات هذا الكلى وما ذكره الشيخ س نفسه أولا معناه ما ذكرنا بتعميم الأرزاق والأقوات بحيث يشمل المعنوية والحسية طبيعية أو حيوانية وبتعميم الدين والتوحيد بحيث يشمل التشريعي والتكويني بخلاف الأقوال الأخرى فان ظواهرها تأبى عن ذلك الا ما نقل عن مجاهد وقوله قدس سره من الصور والهيئات لأجل ان القدر هو الهندسة كما في الحديث وقد مر يا من يكشف البلوى يقال بلوته بلوا وبلاء أي اختبرته والاسم البلوى والمراد به هنا البلاء لان البلاء امتحان واختبار يا من يسمع النجوى يا من ينقذ الغرقى جمع غريق يا من ينجى الهلكى جمع هالك كما قال ابن مالك فعلى لوصف كقتيل وزمن وهالك وميت به قمن يا من يشفى المرضى ولتعمم المرضى حتى يشمل الأمراض المعنوية كمرض الجهل وسوء الخلق والمعصية بل أمراض الجمادات والنباتات والحيوانات إما سمعتهم يقولون إن المعادن كلها مريضة
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»