ان أفعال العباد واقعة بقدرة خلقها الله تعالى في العبد فهو تعالى يوجد في العبد القدرة والإرادة ثم تلك القدرة والإرادة يوجبان وجود المقدور وقال أستاذ هم أبو إسحاق الأسفرايني المؤثر في الفعل مجموع قدرة الله تعالى وقدرة العبد وقالت المعتزلة العبد فاعل مستقل في الايجاد بلا مدخلية لإرادة الله سبحانه في فعل العبد سوى انه تعالى أوجد العبد وجعله صاحب إرادة مستقلة يفعل ما يشاء ويترك ما يريد وهذا أيضا تفويض محض وتشريك في الخالقية وفيهم ورد ان القدرية مجوس هذه الأمة والله سبحانه أعز وأجل من أن يجرى في ملكه شئ بغير ارادته كما ورد عن النبي (ص ع) ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وقد حكى انه دخل القاضي عبد الجبار دار الصاحب ابن عباد فرأى الأستاذ أبا إسحاق الأسفرايني فقال سبحان من تنزه عن الفحشاء فقال الأستاذ سبحان من لا يجرى في ملكه الا ما يشاء وقال الحكماء والامامية لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الامرين وهو الحق الذي لامرية فيه ولا شبهة تعتريه وهو المأثور عن أئمتنا الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين وتمسك الأشاعرة بوجوه منها ان ترك الفعل من العبد ان امتنع حال الفعل كان العبد مجبورا فلا يكون الفعل باختياره وان لم يمتنع احتاج فعله إلى مرجح موجب فان ترجيح أحد طرفي الممكن لا بمرجح ممتنع ولا يكون ذلك المرجح الموجب من العبد لأنه لو كان من العبد يعود التقسيم فيه ولا يتسلسل بل ينتهى له محالة إلى مرجح موجب لا يكون من فعله ولا يصدر باختياره ويلزم الجبر وأجيب بان المعتزلة يقولون معنى الاختيار هو استواء طرفين بالنسبة إلى القدرة وحدها وهذا لا ينافى وجوب أحدهما بسبب الإرادة فمتى حصل المرجح وهو الداعي وتعلق الإرادة الجازمة وجب الفعل ومتى لم يحصل امتنع وهذا غير مناف للقدرة فان القادر هو الذي يصح منه الفعل والترك قبل تحقق الداعي ومع قطع النظر عن الإرادة ولهذا قالوا الوجوب بالاختيار لا ينافى الاختيار بل يحققه ومنها ان العبد لو كان موجد الفعله باختياره لكان عالما بتفاصيله إذ الايجاد بالاختيار من غير علم بتفاصيل الفعل لا يتصور ولهذا صح الاستدلال بفاعلية العالم على عالمية الفاعل ولان القصد الكلى لا يكفى في حصول الجزئي لان نسبة الكلى إلى جميع الجزئيات على السواء فليس حصول بعضها أولي من حصول بعض اخر فيجب ان يتحقق قصد جزئي والقصد الجزئي مشروط بالعلم الجزئي فثبت انه لو كان موجدا لفعله باختياره لكان عالما بتفاصيله والتالي باطل لان الماشي يقطع مسافة معينه من غير شعور له بتفاصيل الأجزاء التي بين المبدء والمنتهى والناطق يأتي بحروف مخصوصة على نظم مخصوص
(١١٠)