بحرف إشارة إلى المشاهد (1) المدرك، فقالوا: هذه آلهتنا المدركة المحسوسة (2) بالأبصار، فأشر أنت يا محمد إلى إلهك الذي تدعو إليه حتى نراه وندركه ولا نأله فيه، فأنزل الله تبارك وتعالى: " قل هو " فالهاء تثبيت للثابت، والواو إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواس، وأنه تعالى عن ذلك، بل هو مدرك الأبصار، ومبدع الحواس (3).
ثم قال (عليه السلام): الله معناه المعبود الذي أله الخلق عن درك ماهيته، والإحاطة بكيفيته، ويقول العرب: أله الرجل إذا تحير في الشئ فلم يحط به علما، ووله: إذا فزع إلى شئ مما يحذره ويخافه، والإله هو المستور عن حواس الخلق (4).
قال (عليه السلام): الأحد الفرد المتفرد، والأحد والواحد بمعنى واحد، وهو المتفرد الذي لا نظير له، والتوحيد: الإقرار بالوحدة، وهو الإنفراد، والواحد المتباين الذي لا ينبعث من شئ، ولا يتحد بشئ، ومن ثم قالوا: إن بناء العدد من الواحد، وليس الواحد من العدد لأن العدد لا يقع على الواحد، بل يقع على الاثنين، فمعنى قوله: " الله أحد " أي المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه، والإحاطة بكيفيته، فرد بإلهيته، متعال عن صفات خلقه (5).
قال (عليه السلام): وحدثني أبي زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السلام) أنه قال:
" الصمد ": الذي لا جوف له، و " الصمد ": الذي قد انتهى سؤدده، و " الصمد ": الذي لا يأكل ولا يشرب، و " الصمد ": الذي لا ينام، و " الصمد ": الدائم الذي لم يزل ولا يزال (6).
قال (عليه السلام): كان محمد بن الحنفية يقول: " الصمد ": القائم بنفسه، الغني عن غيره، وقال غيره " الصمد ": المتعالي عن الكون، والفساد، و " الصمد ": الذي لا يوصف بالتغاير (7).
قال (عليه السلام): " الصمد ": السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر، ولا ناه (8).