التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٧ - الصفحة ٢٧
وتحرك، وذلك لما كاد أن يفني عن نفسه بالكلية في نور الأنوار بغلبة سطوات الجلال وبانجذابه بشراشره إلى جناب القدس المتعال، وهذا هو المعنى بالتدلي المعنوي، ووصف الحجاب بالزبرجد كناية عن خضرته (1)، وذلك لأن النور الإلهي الذي يشبه بلون البياض في التمثيل كان قد شابته ظلمة بشرية فصار يتراءى، أي كأنه أخضر على لون الزبرجد، وإنما سأله الله عز وجل عن خليفته لأنه (صلى الله عليه وآله) كان قد أهمه أمر الأمة (2) وكان في قلبه أن يخلف فيهم خليفته

١ - وجاء في هامش المخطوطة عن الوافي، نقلا عن السيد الداماد (رحمه الله) ما نصه: وإلى ذلك الإشارة بقوله (عليه السلام):
" جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب "، والنور الأخضر: هو النور الموكل على أقاليم الأرواح الحيوانية التي هي ينابيع عيون الحياة ومنابع خضرتها، والأحمر: هو النور العامل على ولايات المنة والقوة والقهر، و " النور الأبيض ": هو النور المتولي لأمور إفاضة المعارف والعلوم والصناعات.
وأضاف في القول قائلا عن أستاده أسكنه الله الفردوس: الحجب النورانية متفاوتة النورية، بعضها أخضر، ومنه أحمر، وأبيض، ومنه غير ذلك، فالنور الأبيض: ما هو أقرب من نور الأنوار، والأخضر ما هو أبعد منه، فكأنه ممتزج بضرب من الظلمة لقربه من ليالي حجب الأجرام الفلكية وغيرها، والأحمر هو المتوسط بينهما، وما بين كل اثنين من الثلاثة من الأنوار ما يناسبهما فاعتبر بأنوار الصبح والشفق المختلفة في الألوان لقربها وبعدها من نور الأنوار الحسية أعني نور الشمس، فالقريب من النهار هو الأبيض، والبعيد منه الممتزج بظلمة الليل هو الأخضر، والمتوسط بينهما هو الأحمر، ثم ما بين كل اثنين ألوان أخرى مناسبة كالصفرة ما بين الحمرة والبياض، والبنفسجية ما بين الخضرة والحمرة، فتلك أنوار إلهية واقعة في طريق الذاهب إلى الله بقدمي الصدق والعرفان لابد من مروره عليها حتى يصل إليه تعالى فربما يتمثل بعض السلاك في كسوة الأمثلة الحسية، وربما لا يتمثل.
الوافي: ج 1، ص 409، س 1.
2 - وفي نسخة: [الإمامة].
(٢٧)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»