إن الحوت قد طاف به في أقطار الأرض والبحار ومر بقارون إلى أن قال: " فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " (1) كما سبق ذكره في سورة القصص (2).
قال: فاستجاب له وأمر الحوت أن يلفظه فلفظه على ساحل البحر، وقد ذهب جلده ولحمه، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين، وهي الدباء فأظلته من الشمس فسكن، ثم أمر الله الشجرة فتنحت عنه، ووقعت الشمس عليه فجزع فأوحى الله إليه يا يونس لم لم ترحم مائة ألف أو يزيدون وأنت تجزع من ألم ساعة؟ قال: يا رب عفوك عفوك، فرد الله عليه بدنه، ورجع إلى قومه، وآمنوا به (3).
وعن الباقر (عليه السلام) قال: لبث يونس في بطن الحوت ثلاثة أيام، ونادى في الظلمات: ظلمة بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر، " أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " (4) فاستجاب له ربه فأخرجه الحوت إلى الساحل، ثم قذفه فألقاه بالساحل، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين، وهو القرع، فكان يمصه ويستظل به وبورقه، وكان تساقط شعره ورق جلده وكان يونس يسبح الله ويذكر الله بالليل والنهار، فلما أن قوى واشتد بعث الله دودة فأكلت أسفل القرع فذبلت القرعة ثم يبست فشق ذلك على يونس فظل حزينا، فأوحى الله إليه ما لك حزينا يا يونس؟ قال: يا رب هذه الشجرة التي كانت تنفعني سلطت عليها دودة فيبست، قال: يا يونس أحزنت لشجرة لم تزرعها، ولم تسقها، ولم تعن بها أن يبست حين استغنيت عنها، ولم تحزن لأهل نينوى أكثر من مائة ألف أردت أن ينزل عليهم العذاب؟ إن أهل نينوى قد آمنوا واتقوا فارجع إليهم، فانطلق يونس إلى قومه فلما دنى من نينوى استحى أن يدخل فقال لراع لقيه: إئت أهل نينوى فقل لهم: إن هذا يونس قد جاء، قال الراعي:
أتكذب أما تستحي ويونس قد غرق في البحر وذهب؟ قال له يونس: اللهم إن هذه الشاة تشهد لك إني يونس ونطقت الشاة له بأنه يونس، فلما أتى الراعي قومه وأخبرهم أخذوه وهموا بضربه، فقال: إن لي بينة بما أقول: قالوا: فمن يشهد لك؟ قال: هذه الشاة تشهد، فشهدت