المؤمنين (عليه السلام) في خلقة الملائكة: وملائكة خلقتهم وأسكنتهم سماواتك فليس فيهم فترة، ولا عندهم غفلة، ولا فيهم معصية، هم أعلم خلقك بك، وأخوف خلقك لك، وأقرب خلقك منك، وأعملهم بطاعتك، لا يغشاهم نوم العيون، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، لم يسكنوا الأصلاب، ولم يضمهم الأرحام، ولم تخلقهم من ماء مهين، أنشأتهم إنشاءا فأسكنتهم سماواتك، وأكرمتهم بجوارك، وائتمنتهم على وحيك، وجنبتهم الآفات، ووقيتهم البليات، وطهرتهم من الذنوب، ولولا قوتك لم يقووا، ولولا تثبيتك لم يثبتوا، ولولا رحمتك لم يطيعوا، ولولا أنت لم يكونوا، أما إنهم على مكانتهم منك، وطاعتهم إياك ومنزلتهم عندك، وقلة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا ما خفي عنهم منك لاحتقروا أعمالهم، ولأزرؤوا (1) على أنفسهم، ولعلموا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك، سبحانك خالقا ومعبودا ما أحسن بلاءك عند خلقك (2).
وفي التوحيد: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): إنه سئل عن قدرة الله عز وجل فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن لله تبارك وتعالى ملائكة لو أن ملكا منهم هبط إلى الأرض ما وسعته لعظم خلقته وكثرة أجنحته، ومنهم من لو كلفت الجن والإنس أن يصفوه ما وصفوه، لبعد ما بين مفاصله، وحسن تركيب صورته، وكيف يوصف من ملائكته من سبع مائة عام ما بين منكبه وشحمة اذنيه، ومنهم من يسد الأفق بجناح من أجنحته دون عظم بدنه، ومنهم من السماوات إلى حجزته (3)، ومنهم من قدمه على غير قرار في جو الهواء الأسفل والأرضون إلى ركبتيه، منهم من لو القي في نقرة إبهامه جميع المياه لوسعتها، ومنهم لو القيت السفينة من دموع عينيه لجرت دهر الداهرين، " فتبارك الله أحسن الخلقين (4) (5).
وفي الكافي: عن الثمالي قال: دخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام) فاحتبست في الدار ساعة، ثم دخلت البيت، وهو يلتقط شيئا وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت، فقلت: جعلت فداك، هذا الذي أراك تلتقطه أي شئ هو؟ قال: هو فضلة من