التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٧
والقمي عن الصادق عليه السلام ما يقرب منه وقطعن أيديهن جرحنها بالسكاكين من فرط الدهشة وقلن حاش لله تنزيها لله من صفات العجز وتعجبا من قدرته على خلق مثله ما هذا بشرا لأن هذا الجمال غير معهود للبشر إن هذا إلا ملك كريم لأن جماله فوق جمال البشر ولأن الجمع بين الجمال الرايق والكمال الفايق والعصمة البالغة من خواص الملائكة.
(32) قالت فذلكن الذي لمتنني فيه أي فهو ذلك العبد الكنعاني الذي لمتنني في الافتتان به قبل أن تتصورنه حق تصوره ولو تصورتن بما عاينتن لعذرتنني ولقد راودته عن نفسه فاستعصم فامتنع طالبا للعصمة أقرت لهن حين عرفت أنهن يعذرنها كي يعاونها على إلانة عريكته ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين الأذلاء.
(33) قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني (1) إليه أي آثر عندي من مواتاتها (2) نظرا إلى العاقبة وإسناد الدعوة إليهن جميعا لأنهن خوفنه عن مخالفتها وزين له مطاوعتها.
والقمي فما أمسى يوسف في ذلك البيت حتى بعثت إليه كل امرأة تدعوه إلى نفسها فضجر يوسف في ذلك البيت فقال رب السجن أحب إلي الآية وإلا تصرف عنى وإن لم تصرف عني كيدهن في تحبيب ذلك إلي وتحسينه عندي بالتثبيت على العصمة أصب إليهن أمل إلى إجابتهن أو إلى أنفسهن بطبعي ومقتضى شهوتي والصبو الميل إلى الهوى وأكن من الجاهلين من السفهاء بارتكاب ما يدعونني إليه (34) فاستجاب له ربه فأجاب (3) الله دعائه الذي تضمنه قوله وإلا تصرف

1 - في الحديث المؤمن لين العريكة الطبيعة يقال فلان لين العريكة إذا كان سلسا مطواعا منقادا قليل الخلاف والنفور ولانت عريكته إذا انكسرت نخوته م‍ 2 - المواتاة حسن المطاوعة والموافقة واصله الهمزة وخففت وكثر حتى صار يقال بالواو الخالصة م‍ 3 - فان قيل ما معنى سؤال يوسف اللطف من الله وهو عالم بان الله يفعله لا محالة فالجواب انه يجوز ان يتعلق المصلحة بالألطاف عند الدعاء المجدد ومتى قيل كيف علن انه لولا اللطف لركب الفاحشة وإذا وجد اللطف امتنع قلنا لما وجد في نفسه من الشهوة وعلم أنه لولا لطف الله لارتكب القبيح وعلم أن الله سبحانه يعصم أنبيائه بالألطاف وان من لا يكون له لطف لا يبعثه الله نبيا م‍ ن
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست