التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٨
لا مهتدين ولا ضلالا كما مضى بيانه في سورة البقرة عند تفسير هذه الكلمة. فاختلفوا:
باتباع الهوى، وببعثة الرسل فتبعهم طائفة وأضرب أخرى. ولولا كلمة سبقت من ربك:
بتأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة. لقضى بينهم: عاجلا. فيما فيه يختلفون: ولتميز المحق من المبطل، ولكن الحكمة أوجبت أن تكون هذه الدار للتكليف والاختبار، وتلك للثواب والعقاب.
(20) ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه: أي من الآيات التي اقترحوها.
فقل إنما الغيب لله: هو المختص بعلمه، ولكل أمر أجل. فانتظروا: لنزول ما اقترحتموه.
إني معكم من المنتظرين: لما يفعل الله بكم.
(21) وإذا أذقنا الناس رحمة: صحة وسعة. من بعد ضراء مستهم: كمرض وقحط. إذا لهم مكر: فاجأوا وقوع المكر منهم. في آياتنا: بالطعن والاحتيال في دفعها، قيل:
قحط أهل مكة سبع سنين حتى كادوا يهلكون، ثم لما رحمهم الله بالمطر طفقوا يقدحون في آيات الله، ويكيدون رسوله. قل الله أسرع مكرا: منكم قد دبر عقابكم قبل أن تدبروا كيدكم، والمكر: إخفاء الكيد، وهو من الله تعالى الاستدراج، والجزاء على المكر. إن رسلنا يكتبون ما تمكرون: إعلام بأن ما يظنونه خافيا غير خاف على الله وتحقيق للانتقام.
(22) هو الذي يسيركم: يحملكم على السير ويمكنكم منه بتهيئة أسبابه. في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك: في السفن. وجرين بهم: بمن فيها، عدل عن الخطاب إلى الغيبة للمبالغة كأنه يذكر لغيرهم ليتعجب من حالهم. بريح طيبة: لينة الهبوب. وفرحوا بها: بتلك الريح. جاءتها: جاءت السفن. ريح عاصف: شديدة الهبوب.
وجاءهم الموج من كل مكان: من أمكنة الموج. وظنوا أنهم أحيط بهم: أي أهلكوا يعني سدت عليهم مسالك الخلاص كمن أحاطت به العدو، وهو مثل في الهلاك. دعوا الله مخلصين له الدين: لأنهم لا يدعون حينئذ غيره معه. لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين: على إرادة القول.
(23) فلما أنجيهم: إجابة لدعائهم. إذا هم يبغون في الأرض: فاجأوا الفساد
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست