التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٧
يصح لي. أن أبدله من تلقاء نفسي: من قبل نفسي من غير أن يأمرني بذلك ربي. إن أتبع إلا ما يوحى إلى: ليس إلي تبديل ولا نسخ. إني أخاف إن عصيت ربى: في التبديل والنسخ من عند نفسي. عذاب يوم عظيم.
(16) قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به: ولا أعلمكم الله به على لساني، وقرئ ولأدراكم بلام التأكيد أي ولأعلمكم به على لسان غيري، يعني أن تلاوته ليست إلا بمشية الله وإحداثه أمرا عجيبا خارقا للعادة، وهو أن يخرج رجل أمي لم يتعلم ساعة من عمره ولا نشأ (1) في بلد فيه العلماء فيقرأ عليكم كتابا بهر بفصاحته كل كلام فصيح مسحونا بعلم ما كان وما يكون. فقد لبثت فيكم عمرا من قبله: فقد أقمت فيما بينكم ناشيا وكهلا مقدار أربعين سنة فلم تعرفوني متعاطيا شيئا من نحو ذلك فتتهموني باختراعه. أفلا تعقلون: أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر لتعلموا أنه ليس إلا من عند الله.
(17) فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون.
(18) ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله: تشفع لنا فيما يهمنا من أمور الدنيا والآخرة. قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض: أتخبرونه بما ليس بمعلوم للعالم بجميع المعلومات، يعني بما ليس بموجود. سبحانه وتعالى عما يشركون: وقرئ بالتاء، القمي: كانت قريش يعبدون الأصنام ويقولون إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى فإنا لا نقدر على عبادة الله، فرد الله عليهم، فقال: قل لهم يا محمد: (أتنبئون الله بما لا يعلم) أي ليس يعلم فوضع حرفا مكان حرف، أي ليس له شريك يعبد.
(19) وما كان الناس إلا أمة واحدة: يعني قبل بعث نوح كانوا على الفطرة

1 - نشأ كمنع شب والناشئ الغلام جاز حد الصغر ق.
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست