التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٩٩
فيها، وسارعوا إلى ما كانوا عليه. بغير الحق: مبطلين فيه، وهو احتراز عن تخريب المسلمين ديار الكفرة فإنها إفساد بحق. يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم: فإن وباله عليكم أو أنه على أمثالكم وأبناء جنسكم. متاع الحياة الدنيا: منفعة الحياة الدنيا لا تبقى ويبقى عقابها، وهو خبر بغيكم أو خبر محذوف، وقرئ بالنصب أي يتمتعون متاع الحياة الدنيا.
العياشي: عن الصادق عليه السلام ثلاث يرجعن على صاحبهن: النكث، والبغي، والمكر، ثم تلا هذه الآية. ثم إلينا مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون.
(24) إنما مثل الحياة الدنيا: حالها العجيبة في سرعة تقضيها، وذهاب نعيمها بعد اقبالها، واغترار الناس بها. كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام: من الزروع والبقول والحشيش. حتى إذا أخذت الأرض زخرفها:
زينتها. وازينت: وتزينت بأصناف النبات وأشكالها وألوانها المختلفة كعروس أخذت من ألوان الثياب والزين فتزينت بها. وظن أهلها أنهم قادرون عليها: متمكنون من حصدها ورفع غلتها. أتاها أمرنا: ضربها عاهة وآفة بعد أمنهم وإيقانهم أن قد سلم. ليلا أو نهارا فجعلناها: فجعلنا زرعها. حصيدا: شبيها بما يحصد من الزرع من أصله. كأن لم تغن بالأمس: كأن لم يوجد زرعها فيما قبله، والأمس: مثل في الوقت القريب، والممثل به في الآية مضمون الحكاية، وهو زوال خضرة النبات فجأة وذهابه حطاما (1) بعد ما كان غضا والتف وزين الأرض حتى طمع فيه أهله وظنوا أنه قد سلم من الآفات، لا الماء و (إن) وليه حرف التشبيه لأنه من التشبيه المركب. كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون: فإنهم المنتفعون به.
(25) والله يدعوا إلى دار السلام: أي دار الله.
في المعاني: عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال: إن السلام: هو الله عز وجل، وداره التي خلقها لعباده وأوليائه: الجنة. ويهدى من يشاء: بالتوفيق. إلى صراط

1 - الحطام ما يحطم عن عيدان الزرع إذا يبس من حطم الشئ حطما من باب تعب إذا انكسر وحطمه حطما من باب ضرب فانحطم م‍.
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست