التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ٣٥٩
فهي كلمة الكفر، ثم قعدوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة وهموا بقتله، وهو قوله: (وهموا بما لم ينالوا). وقال في موضع آخر: فلما أطلع الله نبيه وأخبره حلفوا له أنهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به حتى أنزل الله: (يحلفون بالله ما قالوا) الآية.
وعن الصادق عليه السلام: لما أقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين، وهم: أبو بكر، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمغيرة بن شعبة، قال عمر: ألا ترون عينيه كأنهما عينا مجنون يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم الساعة يقوم ويقول: قال لي ربي، فلما قام قال: يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم، قالوا: الله ورسوله، قال: اللهم فاشهد، ثم قال ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، فنزل جبرئيل وأعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمقالة القوم فدعاهم وسألهم فأنكروا وحلفوا فأنزل الله: (يحلفون بالله ما قالوا).
وفي المجمع: نزلت في أهل العقبة فإنهم أضمروا أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة حين مرجعهم من تبوك وأرادوا أن يقطعوا أنساع (1) راحلته ثم ينخسوا (2) به، فأطلعه الله على ذلك، وكان من جملة معجزاته، لأنه لا يمكن معرفة ذلك إلا بوحي من الله فبادر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة وحده، وعمار وحذيفة أحدهما يقود ناقته والآخر يسوقها، وأمر الناس كلهم بسلوك بطن الوادي وكان الذين هموا بقتله اثني عشر رجلا أو خمسة عشر عرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسماهم بأسمائهم.
قال: وقال الباقر عليه السلام: كانت ثمانية منهم من قريش، وأربعة من العرب.
أقول: قد مضى بعض هذه القصة عند تفسير (يا أيها الرسول بلغ) من المائدة، وعند تفسير: (إنما كنا نخوض ونلعب) من هذه السورة.

1 - النسع بالكسر سير بنسج عريضا يشد به الرحال القطعة منه نسعة ويسمى نسعا لطوله وجمعه نسع بالضم وانساع م‍.
2 - نخس الدابة كنصر وجعل غرز مؤخرها بعود ونحوه م‍.
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست