التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٢ - الصفحة ١٩١
(32) قل من حرم زينة الله: من الثياب وسائر ما يتجمل به. التي أخرج لعباده: من الأرض كالقطن والكتان والإبريسم والصوف والجواهر. والطيبات من الرزق: المستلذات من المآكل والمشارب، وهو إنكار لتحريم هذه الأشياء.
في الكافي: عن الصادق عليه السلام بعث أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله بن العباس إلى ابن الكوا وأصحابه، وعليه قميص رقيق وحلة، فلما نظروا إليه، قالوا: يا ابن عباس أنت خيرنا في أنفسنا وأنت تلبس هذا اللباس؟ فقال: وهذا أول ما أخاصمكم فيه (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) وقال الله:
(خذوا زينتكم عند كل مسجد).
والعياشي: عنه عليه السلام ما في معناه.
وفي الكافي: عنه عليه السلام أنه رآه سفيان الثوري وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان، فقال: والله لآتينه ولأوبخنه فدنا منه، فقال: يا ابن رسول الله ما لبس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل هذا اللباس ولا علي عليه السلام ولا أحد من آبائك، فقال له كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في زمان قتر (1) مقتر وكان يأخذ لقتره واقتاره وأن الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها (2) فأحق أهلها بها ابرارها ثم تلا: (قل من حرم زينة الله) الآية فنحن أحق من أخذ منها ما أعطاه الله غير أني يا ثوري ما ترى علي من ثوب إنما لبسته للناس، ثم اجتدب يد سفيان فجرها إليه، ثم رفع الثوب الأعلى وأخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا، فقال: هذا لبسته لنفسي وما رأيته للناس، ثم جذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن وداخل ذلك الثوب ثوب لين، فقال: لبست هذا الأعلى للناس، ولبست هذا لنفسك تسرها.

1 - قتر قترا وقتورا من بابي ضرب وقعد ضيق عليه في النفقة ومنه قتر على عياله إذا ضيق عليهم وأفتر اقتارا وقتر تقتيرا مثله.
3 - في الحديث فأرسلت السماء عزاليها أي أفواهها والعزالي بفتح اللام وكسرها جمع العزلاء مثل الحمراء وهرفم المزادة فقوله أرسلت السماء عزاليها يريد شدة وقع المطر على التشبيه نزوله من أفواه المزادة ومثله وان الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست