رضوان ومالك من جملة الملائكة والمستغفرين لشيعته الناجين بمحبته. قلت:
بلى. قال: فعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إذن قسيم الجنة والنار عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورضوان ومالك صادران عن أمره بأمر الله تبارك وتعالى، يا مفضل خذ هذا فإنه من مخزون العلم ومكنونه لا تخرجه إلا إلى أهله. أقول: وقد فتح هذا الحديث بابا من العلم انفتح منه ألف باب وسيأتي له مزيد انكشاف في المقدمة الرابعة عند تحقيق القول في المتشابه وتأويله إن شاء الله.
ومن هذا القبيل خطاب الله تعالى لبني إسرائيل الذين كانوا في زمان نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) بما فعل بأسلافهم أو فعلت أسلافهم كانجائهم من الغرق وسقيهم من الحجر وتكذيبهم الآيات إلى عير ذلك وذلك لأن هؤلاء كانوا من سنخ أولئك راضين بما رضوا به ساخطين بما سخطوا به، وأيضا فإن القرآن إنما نزل بلغة العرب ومن عادة العرب أن تنسب إلى الرجل ما فعلته القبيلة التي هو منهم وان لم يفعل هو بعينه ذلك الفعل معهم.
وقد ورد ذلك بعينه في كلام السجاد (عليه السلام) حيث سئل عن ذلك، فقال: إن القرآن بلغة العرب فيخاطب فيه أهل اللسان بلغتهم أما تقول للرجل التميمي الذي قد أغار قومه على بلد وقتلوا من فيه أغرتم على بلد كذا وفعلتم كذا الحديث. وسر هذه العادة في لغتهم ما قلناه. وبهذا التحقيق انحل كثير من المشكلات والشبهات في تأويل الآيات الواردة عنهم (عليهم السلام) بل كفينا مؤنة ذكر التأويلات في ذيل تلك الآيات إذ لا يخفى بعد معرفة هذا الأصل إجراء تلك التأويلات في آية آية على أولي الألباب، إلا إنا سنأتي بنبذ منها في محالها إنشاء الله تعالى والحمد لله على ما أفهمنا ذلك وألهمناه.