التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ٣٣
قال الله سبحانه: * (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا) * فمثل العلم بالماء والقلوب بالأودية والضلال بالزبد ثم نبه في آخرها فقال: * (كذلك يضرب الله الأمثال) * فكل ما لا يحتمل فهمك فإن القرآن يلقيه إليك على الوجه الذي كنت في النوم مطالعا بروحك للوح المحفوظ ليتمثل لك بمثال مناسب ذلك يحتاج إلى التعبير فالتأويل يجري مجرى التعبير فالمفسر يدور على القشر ولما كان الناس إنما يتكلمون على قدر عقولهم ومقاماتهم فما يخاطب به الكل يجب أن يكون للكل فيه نصيب فالقشرية من الظاهريين لا يدركون إلا المعاني القشرية كما أن القشر من الانسان وهو ما في الاهاب والبشرة ومن البدن لا ينال الا قشر تلك المعاني وهو ما في الجلد والغلاف من السواد والصور وأما روحها وسرها وحقيقتها فلا يدرك الا أولوا الألباب وهم الراسخون في العلم وإلى ذلك أشار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعائه لبعض أصحابه حيث قال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ولكل منهم حظ قل أم كثر وذوق نقص أو كمل ولهم درجات في الترقي إلى أطوارها وأغوارها وأسرارها وأنوارها وأما البلوغ للاستيفاء والوصول إلى الأقصى فلا مطمع لأحد فيه ولو كان البحر مدادا لشرحه والأشجار أقلاما * (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا) *.
ومما ذكر يظهر سبب اختلاف ظواهر الآيات والأخبار الواردة في أصول الدين وذلك لأنها مما خوطب به طوائف شتى وعقول مختلفة فيجب أن يكلم كل على قدر فهمه ومقامه ومع هذا فالكل صحيح غير مختلف من حيث الحقيقة ولا مجاز فيه أصلا.
واعتبر ذلك بمثال العميان والفيل وهو مشهور وعلى هذا فكل من لم يفهم شيئا من المتشابهات من جهة أن حمله على الظاهر كان مناقضا بحسب الظاهر لأصول صحيحة دينية وعقائد حقة يقينية عنده فينبغي أن يقتصر على صورة اللفظ لا يبدلها ويحيل العلم به إلى الله سبحانه والراسخين في العلم ثم يرصد لهبوب رياح الرحمة من عند الله تعالى ويتعرض لنفحات أيام دهره الآتية من قبل الله
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 نبذة من حياة المؤلف 2
2 ديباجة الكتاب 7
3 المقدمة الأولى: في نبذة مما جاء في الوصية بالتمسك بالقرآن وفي فضله 15
4 المقدمة الثانية: في نبذة مما جاء في أن علم القرآن كله إنما هو عند أهل البيت (عليهم السلام) 19
5 المقدمة الثالثة: في نبذة مما جاء في أن جل القرآن إنما نزل فيهم وفي أوليائهم وفي أعدائهم وبيان سر ذلك 24
6 المقدمة الرابعة: في نبذة مما جاء في معاني وجوه الآيات وتحقيق القول في المتشابه وتأويله 29
7 المقدمة الخامسة: في نبذة مما جاء في المنع من تفسير القرآن بالرأي والسر فيه 35
8 المقدمة السادسة: في نبذة مما جاء في جمع القرآن وتحريفه وزيادته ونقصه وتأويله ذلك 40
9 المقدمة السابعة: في نبذة مما جاء في أن القرآن تبيان كل شئ وتحقيق معناه 56
10 المقدمة الثامنة: في نبذة مما جاء في أقسام الآيات واشتمالها على البطون والتأويلات وأنواع اللغات والقراءات والمعتبرة منها 59
11 المقدمة التاسعة: في نبذة مما جاء في زمان نزول القرآن وتحقيق ذلك 64
12 المقدمة العاشرة: في نبذة مما جاء في تمثل القرآن لأهله يوم القيامة 67
13 المقدمة الحادية عشرة: في نبذة مما جاء في كيفية التلاوة وآدابها 70
14 المقدمة الثانية عشرة: في بيان ما اصطلحنا عليه في التفسير 75
15 تفسير الاستعاذة 79
16 سورة الفاتحة وهي سبع آيات 80
17 سورة البقرة وهي 286 آية 90
18 سورة آل عمران وهي 200 آية 315
19 سورة النساء وهي 177 آية 413