كنتم فكما أن معيته للأشياء ليست بممازجة ومداخلة ومفارقته عنها ليست بمباينة ومزايلة فكذلك قربه ليس باجتماع وأين وبعده ليس بافتراق وبين بل بنحو آخر أقرب من هذا القرب وأبعد من هذا البعد ولهذا قال تعالى ونحن أقرب إليه من حبل الوريد وقال ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون، وفي مناجاة سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام) إلهي ما أقربك مني وأبعدني عنك وما أرأفك بي فما الذي يحجبني عنك وإنما يجد قربه من عبده كأنه يراه كما قال نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) أعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، إن قيل كيف يكون الشئ قريبا من الآخر ويكون ذلك الآخر بعيدا عنه، قلنا هذا كما يكون لك محبوب وهو حاضر عندك وأنت عنه في عمى لا تراه ولا تشعر بحضوره فإنه قريب منك وأنت بعيد عنه أجيب دعوة الداع إذا دعان تقرير للقرب ووعد للداعي بالإجابة فليستجيبوا لي إذا دعوتهم للايمان والطاعة كما أجبتهم إذا دعوني لمهامهم وليؤمنوا بي في المجمع عن الصادق (عليه السلام) أي وليتحققوا اني قادر على إعطائهم ما سألوه.
والعياشي ما في معناه لعلهم يرشدون قال أي لعلهم يصيبون الحق ويهتدون إليه.
وروي أن الصادق (عليه السلام) قرأ أمن يجيب المضطر إذا دعاه فسئل ما لنا ندعو ولا يستجاب لنا فقال لأنكم تدعون من لا تعرفون وتسألون ما لا تفهمون فالاضطرار عين الدين وكثرة الدعاء مع العمى عن الله من علامة الخذلان من لم يشهد ذلة نفسه وقلبه وسره تحت قدرة الله حكم على الله بالسؤال وظن أن سؤاله دعاء والحكم على الله من الجرأة على الله.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) أنه قيل له في قوله سبحانه ادعوني استجب لكم ندعوه ولا نرى إجابة قال أفترى الله عز وجل أخلف وعده فال لا قال فمم ذلك قال لا أدري قال لكني أخبرك من أطاع الله عز وجل فيما أمره ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه قيل وما جهة الدعاء قال تبدأ وتحمد الله وتذكر نعمه عندك ثم تشكره ثم تصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ثم تستعيذ منها فهذا جهة الدعاء.