الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ١٨٠
غيري - على الشك ونفى علمه خاصة وإجرائه مجرى سائر علوم الخلق في أنه لا يلزم من نفى تعلقه بوجود أمر نفى ذلك الأمر لجواز أن يكون موجودا عازبا من علمه وحينئذ لا يكون تناقضا، ولو لم يكن حمله هذا هو الأصل لما سوغنا أن يرفع التناقض عن كلامه لأنه أحقر من ذلك. عاد كلامه، قال: وقوله تعالى (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم) مقابلة لاستكباره بفعل عبر عنه بما صورته أخذ حصيات ممتهنات ثم نبذها: أي طرحها في اليم بهوان، فذلك تمثيل لاستهانة به وإهلاكه بهذا النوع من الهلاك، والله أعلم.
قوله تعالى (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار) قال فيه (معناه: دعوناهم أئمة دعاة إلى النار كما تقول جعلته بخيلا فاسقا إذا دعوته بذلك) قال أحمد: لا فرق عند أهل السنة بين قوله تعالى - وجعل الظلمات والنور - وجعلنا الليل والنهار آيتين - وبين هذه الآية، فمن حمل الجعل على التسمية فيما نحن فيه فرارا من اعتقاد أن دعاءهم إلى النار مخلوق لله تعالى فهو بمثابة من حمله على التسمية في قوله تعالى - وجعلنا الليل والنهار آيتين - فرارا من جعل الليل والنهار مخلوقين لله تعالى، فلا فرق بين نفى مخلوق واحد عن قدرته ونفى كل مخلوق، نعوذ بالله من ذلك.
(١٨٠)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 177 178 179 180 181 182 183 186 187 ... » »»