بالعاشي عن ذكر الله، والآخر يؤخذ من الآية وهو أنه أعاد عليه الضمير مجموعا في قوله وإنهم فإنه عائد إلى الشيطان قولا واحدا، ولولا إفادته عموم الشمول لما جاز عود ضمير الجمع عليه بلا إشكال، فهذه نكتة تجد عند إسماعها لمخالفي هذا الرأي سكتة. النكتة الثانية أن في هذه الآية ردا على من زعم أن العود على معنى من يمنع من العود على لفظها بعد ذلك، واحتج المانع لذلك بأنه إجمال بعد تفسير وهو خلاف المعهود من الفصاحة، وقد نقض الكندي هذا بقوله تعالى - ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا - ونقض غيره بقوله - ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين وإذا تتلى عليه - الآية، وكان جدي رحمه الله قد استخرج من هذه الآية بعض ذلك لأنه أعاد على اللفظ في قوله يعش وله مرتين ثم على المعنى في قوله - ليصدونهم - ثم على اللفظ بقوله - حتى إذا جاءنا - وقد قدمت أن الذي منع ذلك قد يكون اقتصر بمنعه على مجئ ذلك في جملة واحدة، وأما إذا تعددت الجمل واستقلت كل بنفسها فقد لا يمنع ذلك حتى رددت على الزمخشري في قوله تعالى - لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا - فإن الجملة واحدة، فانظره في موضعه.
(٤٨٩)