الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٤٩٨
قوله تعالى (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) قال فيه (معناه: إن صح وثبت برهان قاطع فأنا أول من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له إلى آخره) قال أحمد: لقد اجترأ عظيما واقتحم مهلكة في تمثيله ذلك بقول من سماه عدليا إن كان الله خالقا للكفر في القلوب ومعذبا عليه فأنا أول القائلين إنه شيطان وليس بإله فلينقم عليه ذلك بقول القائل: قد ثبت قطعا عقلا وشرعا أنه تعالى خالق لذلك في القلوب كما خلق الإيمان وفاء بمقتضى دليل العقل الدال على أن لا خالق إلا الله، وتصديقا بمضمون قوله تعالى - هل من خالق غير الله؟ وقوله - الله خالق كل شئ - وإذا ثبتت هذه المقدمة عقلا ونقلا لزمه فرك أذنه وغل عنقه، إذ يلحد في الله إلحادا لم يسبقه إليه أحد من عباده الكفرة، ولا تجرأ عليه ما رد من مردة الفجرة، ومن خالف في كفر القدرية فقد وافق على كفر من تجرأ فقال هذه المقالة واقتحم هذه الضلالة بلا محالة، فإنه قد صرح بكلمة الكفر على أقبح وجوهها وأشنع أنحائها، والله المسؤول أن يعصمنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قوله تعالى (وهو الذي في السماء إله وفى الأرض إله) قال فيه: ضمن اسمه عز وجل معنى وصف فعلق به
(٤٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 498 499 504 505 506 507 ... » »»