خيل بهذه الغاية أنهم تنبهوا عندها إطلاق ينبغي اجتنابه والله أعلم، وما أحسن مجئ الغاية على هذا النحى مجئ الإضراب في بعض التارات، فكما جاءت الغاية هنا وليس المراد بها أن الفعل المذكور قبلها منقطع عندها على ما هو المفهوم منها بل المراد استمراره وزيادته فكأن تلك الحالة النافعة انتهت بوجود ما هو أكمل منها، كذلك الإضراب في مثل قوله تعالى - بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون - وهذه الإضرابات ليست على معنى أن الثاني منها رد للأول بل ثانيها آكد من أولها، وجاء الإضراب مع التوافق والزيادة للإشعار بأن الثاني لما زاد على الأول صار باعتبار زيادته ونقصان الأول كأنهما شيئان متنافيان يضرب عن أولها ويثبت آخرهما ومثله كثير، وبالله التوفيق.
قوله تعالى (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا) قال فيه (فإن قلت: معيشتهم ما يعيشون به من المنافع الخ) قال أحمد: قد تقدم أن الرزق عند أهل السنة يطلق على ما يقوم الله به حال العبد، حلالا كان أو حراما، وهذه الآية معضدة والزمخشري بنى على أصله وقد تقدم.