قوله تعالى (جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه) قال: إن الضمير المتصل بيذرؤ عائد على الأنفس وعلى الأنعام مغلبا فيه المخاطبون العقلاء على الغيب مما لا يعقل وهى من الأحكام ذات العلتين انتهى كلامه. قلت: الصحيح أنهما حكمان متباينان غير متداخلين: أحدهما مجيئه على نعت ضمير العقلاء أعم من قوله مخاطبا أو غائبا، والثاني مجيئه بعد ذلك على نعت الخطاب، فالأول لتغليب العقل، والثاني لتغليب الخطاب.
قوله تعالى (ليس كمثله شئ) قال فيه: تقول العرب مثلك لا يبخل فينفون البخل عن مثله، والمراد نفسه ونظيره قولك للعربي العرب لا تخفر الذمم، ومنه قولهم: قد أيفعت لداته وبلغت أترابه، وفي حديث رقيقة بنت صيفي في سقيا عبد المطلب " ألا وفيهم الطيب الطاهر لداته " تريد طهارته وطيبه، فإذا علم أنه من باب الكناية لم يكن فرق بين قولك ليس كالله شئ وبين قوله - ليس كمثله شئ - إلا ما تعطيه الكناية من فائدتها ونحوه قوله تعالى