الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٤٧٠
قوله تعالى (وما بث فيهما من دابة) قال فيه: فإن قلت: لم جاز فيهما من دابة والدواب في الأرض وحدها؟
وأجاب بأنه يجوز أن ينسب الشئ إلى جميع المذكور وإن كان لبعضه كقوله تعالى - يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان - وإنما يخرج من الملح الخ. قال أحمد: إطلاق الدواب على الأناسي بعيد من عرف اللغة فكيف في إطلاقه على الملائكة والصواب والله أعلم هو الوجه الأول، وقد جاء مفسرا في غير ما آية كقوله - إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار - ثم قال - وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة - فخص هذا الأمر بالأرض، ولله أعلم.
قوله تعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) قال فيه (الآية مخصوصة بالمجرمين الخ) قال أحمد: هذه الآية تنكسر عندها القدرية، ولا يمكنهم ترويج حيلة في صرفها عن مقتضى نصها فإنهم حملوا قوله تعالى - ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء - على التائب، وهو غير ممكن لهم ههنا فإنه قد أثبت التبعيض في العفو ومحال عندهم أن يكون العفو هنا مقرونا بالتوبة فإنه يلزم تبعيض التوبة أيضا وهى عندهم لا تتبعض، وكذلك نقل الإمام عن أبي هاشم وهو رأس الاعتزال والذي تولى كبره منهم فلا محمل لها إلا الحق الذي لامرية فيه، وهو مرد العفو إلى مشيئة الله تعالى غير موقوف على التوبة، وقول الزمخشري: إن الآلام التي تصيب الأطفال والمجانين لها أعواض إنما يريد به وجوب العوض على الله تعالى على سياق معتقده، وقد أخطأ على الأصل والفرع لأن المعتزلة وإن أخطأت في إيجاب العوض فلم تقل بإيجابه في الأطفال والمجانين، ألا ترى أن القاضي أبا بكر ألزمهم قبح
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 465 466 467 470 471 472 473 474 476 ... » »»