الآية لكفى بها حجة انتهى كلامه. قلت: قد أنطقه الله الذي أنطق كل شئ بأن القدرية مجوس هذه الأمة بشهادة النبي عليه الصلاة والسلام، وقد شهد صحبه الأكرمون أن الطائفة الذين قفا الزمخشري أثرهم القدرية المتمجسة الذين أديانهم بأدناس الفساد متنجسة، فهم أول منخرط في هذا السلك ومنهبط في مهواة هذا الهلك. ولنرجع إلى أصل الكلام فنقول: الهدى من الله تعالى عند أهل السنة حقيقة هو خلق الهدى في قلوب المؤمنين، والإضلال خلق الضلال في قلوب الكافرين، ثم ورد الهدى على غير ذلك من الوجوه مجازا واتساعا نحو هذه الآية، فإن المراد فيها بالهدى الدلالة على طريقه كما فسره الزمخشري. وقد اتفق الفريقان أهل السنة وأهل البدعة على أن استعمال الهدى ههنا مجاز، ثم إن أهل السنة يحملونه على المجاز في جميع موارده في الشرع، فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون، وأي الدليل في هذه الآية على أهل السنة لأهل البدعة حتى يرميهم بما ينعكس إلى نحره ويذيقه وبال أمره؟
(٤٥٠)