الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٤٢٧
قوله تعالى (كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا) قال في إعرابه: الذين يجادلون بدل من من هو مسرف، لأن المراد كل مسرف، وجاز إبداله ما على معنى من لا على لفظها. قال: فإن قلت فاعل كبر؟ وأجاب بأنه ضمير من هو مسرف فحمل البدل على المعنى والضمير على اللفظ وليس ببدع اه‍ كلامه. قلت: فيما ذكره معاملة لفظ من بعد معاملة معناها وهذا مما قدمت أن أهل العربية يستغربونه، والأولى أن يجتنب في إعراب القرآن فإن فيه إبهاما بعد إيضاح، والمعهود في قراءة البلاغة عكسه. والصواب أن يجعل الضمير في قوله كبر راجعا إلى مصدر الفعل المتقدم وهو قوله يجادلون تقديره: كبر جدالهم مقتا، ويجعل الذين مبتدأ على تأويل حذف المضاف تقديره: جدال الذين يجادلون في آيات الله، والضمير في قوله كبر مقتا عائد إلى الجدال المحذوف والجملة مبتدأ وخبر، ومثله في حذف المصدر المضاف وبناء الكلام عليه قوله تعالى - أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله - على أحد تأويله ومثله كثير، وفيه سوى ذلك من الوجوه السالمة عما يتطرق إلى الوجه المتقدم فالوجه العدول عنه.
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 426 427 429 430 431 432 433 ... » »»