قوله تعالى: حكاية عن فرعون (ذروني أقتل موسى وليدع ربه) قال فيه: كانوا إذا هم بقتله كفوه عنه بقولهم ليس هذا ممن يخاف وإنما هو ساحر لا يقاومه إلا مثله، وقتله يوقع الشبهة عند الناس أنك إنما قتلته خوفا، وكان فرعون لعنه الله في ظاهر أمره والله أعلم عالما أنه نبي خائفا من قتله مع رغبته في ذلك لولا الجزع، وأراد أن يكتم خوفه من قتله بأن يقول لهم: ذروني أقتله ليكفوه عنه فينسب الانكفاف عن قتله إليهم لا إلى جزعه وخوفه ويدل على خوفه منه لكونه نبيا قوله - وليدع ربه - وهذا من تمويهاته المعروفة قلت: هو من جنس قوله - إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون - فقد تقدم أن مراده بذلك أن يظهر لقومه قلة احتفاله بهم ويوهمهم أن قتله لهم ليس خوفا منهم ولكن غيظا عليهم، وكان من عادته الحذر والتحصن وحماية الذريعة في المحافظة على حوزة المملكة، لا أن ذلك خوف وهلع، ولقد كذب إنما كان فؤاده مملوءا رعبا.
(٤٢٢)