صغر جسم البعوضة وكبر جسم الفيل، وكما تقول للحفار: ضيق فم الركية ووسع أسفلها، وليس ثم نقل من صغر إلى كبر ولا عكسه، ولا من ضيق إلى سعة ولا عكسه، وإنما أردت الإنشاء على تلك الصفات، والسبب في صحته إن الكبر والصغر جائزان معا على المصنوع الواحد، وكذلك الضيق والسعة فإذا اختار الصانع أحد الجائزين وهو متمكن من الآخر جعل صرفا عن الآخر وهو متمكن منه اه كلامه. قلت: ما أسد كلامه ههنا حيث صادق التمسك بأذيال نظر مالك رحمه الله في مسألة ما إذا باعه إحدى وزنتين معينتين على اللزوم لإحداهما والخيرة في عينها فإنه منع من ذلك، لأن المشترى لما كان متمكنا من تعيين كل واحدة منهما على سواء، فإذا عين واحدة منهما بالاختيار نزل عدوله عن الأخرى وقد كان متمكنا منها منزلة اختيارها أولا، ثم الانتقال عنها إلى هذه، فإذا آل إلى إحداهما بالأخرى غير معلومتي التماثل وهو الذي لخصه أصحابنا في قولهم: إن من خير بين شيئين فاختار أحدهما عد منتقلا، وقد سبقت هذه القاعدة لغير هذا الغرض فيما تقدم.
قوله تعالى (فهل إلى خروج من سبيل) قال: أي إلى نوع من الخروج سريع أو بطئ من سبيل قط أم اليأس واقع دون ذلك فلا خروج ولا سبيل إليه، وهذا كلام من غلب عيله اليأس، والقنوط، وإنما يقولون