أوصاف لوقوع هذه النكرة التي لا يصح أن تكون صفة، كما لو جاءت قصيدة تفاعيلها كلها على مستفعلن قضى عليها بأنها من بحر الرجز، فإن وقع فيها جزء واحد على متفاعلن كانت من الكامل) قلت: وهذا لأن دخول مستفعلن في الكامل يمكن، لأن متفاعلن يصير بالإضمار إلى مستفعلن، وليس وقوع متفاعلن في الرجز ممكنا إذ لا يصير إليه مستفعلن البتة، فما يقضى إلى الجمع بينهما فإنه يتعين، وهذا كما يقضى الفقهاء بالخاص على العام لأنه الطريق في الجمع بين الدليلين. وأجاز فيه وجها آخر وهو أن تكون كلها صفات معارف، ويكون شديد العقاب محذوف الألف ليجانس ما قبله، وذلك مثل قولهم ما يعرف سحادليه من عنادليه، فثنوا ما هو وتر لأجل ما هو شفع، على أن الخليل قد قال في قولهم ما يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذلك وما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل كذا أنه على نية الألف واللام كما جاء الجماء الغفير على نية حذف الألف واللام مضافا إلى ما سهل ذلك وهو عدم اللبس وأمن الجهالة. وأجاز وجها آخر وهو أن يكون صفة قصد تنكيرها لما في الإبهام من الدلالة على فرط الشدة. قال ولعل هذه النكتة هي الداعية إلى اختيار البدل على الوصف إذا سلكت طريقة الإبدال. قال: فإن قلت فما بال الواو في قوله - ما يجادل في آيات الله - الآية. قال: الجدال المذموم هو الجدال بالباطل لإدحاض الحق وقصد إطفاء نور الله، فقد دل على ذلك قوله تعالى - وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق - وأما الجدال فيها لإيضاح ملتبسها وحل مشكلها ومقادحة العلماء في استنباط معانيها ورد أهل الزيغ عنها، فأعظم جهاد في سبيل الله تعالى، وعلى هذا يحمل قوله عليه الصلاة والسلام (إن جدالا في القرآن كفر) ولهذا أورده منكرا للتمييز بين جدال وجدال
(٤١٣)