الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ٢٩٩
قوله تعالى (هل من خالق غير الله يرزقكم) الآية، قال فيه (إن قلت: ما محل يرزكم؟ قلت: يحتمل أن يكون له محل إذا أوقعته صفة لخالق، وأن لا يكون له محل إذا جعلته تفسيرا وجعلت من خالق مرفوع المحل بفعل يدل عليه هذا، كأنه قيل: هل يرزكم خالق غير الله، أو جعلت يرزكم كلاما مبتدأ) قال أحمد: والوجه المؤخر أوجهها. عاد كلامه، قال (فإن قلت: هل فيه دليل على أن الخالق لا يطلق على غير الله تعالى؟ قلت: نعم إن جعلت يرزكم كلاما مبتدأ وهو الوجه الثالث من الأوجه الثلاثة. وأما على الوجهين الآخرين وهما الوصف والتفسير فقد تقيد فيهما بالرزق من السماوات والأرض وخرج من الاطلاق فكيف يستشهد به على نفيه مطلقا) قال أحمد: القدرية إذا قرعت هذه الآية أسماعهم قالوا بجرأة على الله تعالى: نعم ثم خالق غير الله، لان كل أحد عندهم يخلق فعل نفسه، فلهذا رأيت الزمشخري وسع الدائرة وجلب الوجوه الشاردة النافرة، وجعل الوجهين يطابقان معتقده في إثبات خالق غير الله ووجهها هو الحق والظاهر وأخره في الذكر تناسيا له. والذي يحقق الوجه الثالث وأنه هو المراد أن الآية خوطب بها قوم على أنهم مشركون إذا سئلوا عن رازقهم من السماوات والأرض قالوا الله، فقرروا بذلك وقرعوا به إقامة للحجة عليهم بإقرارهم، ولو كان على غير هذا الوجه قيدا لكان مفهومه
(٢٩٩)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 288 289 290 297 299 300 308 309 313 314 ... » »»