(يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم) قال فيه (إن قلت: ما سر قوله - على صراط مستقيم - وقد علم بكونه من المرسلين أنه كذلك؟ وأجاب بأن الغرض وصفه ووصف ما جاء به فجاء بالوصفين في نظام واحد فكأنه قال: إنك لمن المرسلين على طريق ثابت. وأيضا ففي تنكير الصراط أنه مخصوص من بين الصراط المستقيمة بصراط لا يكتنه وصفه انتهى كلامه) قال أحمد: قد تقدم في مواضع أن التنكير قد يفيد تفخيما وتعظما وهذا منه.
قوله تعالى (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم) قال فيه إنه على الوصف كقوله - لتنذر قوما ما أتاهم من نذير - قال وقد فسر ما أنذر آباؤهم على إثبات الانذار على أن ما مصدرية أو موصولة قال: والفرق بين موقع الفاء على التفسيرين أنها على الأول متعلقة بالنفي معنى جوابك، والمعنى: أن نفي إنذارهم هم هو السبب في غفلتهم. وعلى الثاني بقوله - إنك لمن المرسلين - لتنذر كما تقول أرسلناك إلى فلان لتنذره فإنه غافل أو فهو غافل انتهى. قلت:
يعني أنها على التفسير الثاني تفهم أن غفلتهم سبب في انذارهم. قال: فإن قلت: كيف يكونون منذرين على هذا التفسير غير منذرين في قوله - ما أتاهم من نذير من قبلك - وأجاب بأن الآية لنفي إنذارهم لا لنفي إنذار آبائهم، وآباؤهم القدماء من ولد إسماعيل وقد كانت النذارة فيهم. قال: فما تصنع بأحد التفسيرين الذي مقتضاه أن آباؤهم لم ينذروا وهو التفسير الأولى في هذه الآية مع التفسير الثاني ومقتضاه أنهم أنذروا؟ وأجاب بأن آباءهم الأباعد هم المنذرون آباؤهم الأدنون، قال: ثم مثل تصميمهم على الكفر وأنهم لا يرعوون ولا يرجعون بأن جعلهم كالمغلولين]