بإذن الله) قال (يعني بالمصطفين أمة محمد عليه الصلاة والسلام، ثم قسمتهم الآية إلى ظالم لنفسه وهو المرجأ لأمر الله، وإلى مقتصد وهو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا. والى سابق، ثم قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جعل الجنات بدلا من الفضل الكبير وذلك في تتمة الآية في قوله - ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها - قلت: لان الإشارة بالفضل إلى السبق بالخيرات وهو السبب في الجنات ونيل الثواب، فأقام السبب مقام المسبب، وفي اختصاص السابقين بذكر الجزاء دون الآخرين ما يوجب الحذر، فليحذر المقتصد وليملك الظالم لنفسه حذرا، وعليهما بالتوبة النصوح ولا يغترا بما رواه عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له " فإن شرط ذلك صحة التوبة فلا يعلل نفسه بالخدع) قال أحمد: وقد صدرت هذه الآية بذكر المصطفين من عباد الله، ثم قسمتهم إلى الظالم والمقتصد والسابق ليلزم اندراج الظالم لنفسه من الموحدين في المصطفين وأنه لمنهم، وأي نعمة أتم وأعظم من اصطفائه للتوحيد والعقائد السالمة من البدع، فما بال المصنف يطنب في التسوية بين الموحد المصطفى والكافر المجترى، وقوله جنات عدن يدخلونها - الضمير فيه راجع إلى المصطفين عموما، والجنات جزاؤهم على توحيدهم جميعا. وإعرابها جنات مبتدأ ويدخلونها - الخبر، وقوله - يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير - إلى آخر الآية خبر بعد خبر وخير على خير، والله المستعان.
(٣٠٩)