الله أنه لا يقع ثم، ولو كان سؤالهم الرؤية قبل إخبار الله تعالى بعدم وقوعها فإنما سفههم موسى عليه السلام لاقتراحهم على الله هذه الآية الخاصة وتوقيفهم الإيمان عليها حيث قالوا - لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة - ألا ترى أن قولهم - لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا - إنما سألوا فيه جائزا ومع ذلك قرعوا به لاقتراحهم على الله ما لا يتوقف وجوب الإيمان عليه، فهذه المباحث الثلاثة توضح لك سوء نظر الزمخشري بعين الهوى وعمايته عن سبيل الهدى، والله الموفق. عاد كلامه، قال (فإن قلت: هلا قال أرهم ينظروا إليك الخ). قال أحمد:
وهذا الكلام الآخر من الطراز الأول، وأقرب شاهد على رده أنه لو كان طلب الرؤية لهم حتى إذا سمعوا منع الله تعالى لها أيقنوا أنها ممتنعة لكان طلبها عبثا. غير مفيد لهذا الغرض، لأن هؤلاء لا يخلو أمرهم إما أن يكونوا مؤمنين بموسى أو كفارا به، فإن كانوا مؤمنين به فإخباره إياهم بأن الله تعالى لا يرى ولا يجوز عليه ذلك كاف في حصول المقصود من غير حاجة إلى أن يسأل موسى عليه السلام من الله أن يريه ذاته على علم بأن ذلك محال، وإن كانوا كفارا بموسى عليه السلام فلا يحصل الغرض من ذلك أيضا لأن الله تعالى إذا منعه مسؤوله من الرؤية فإنما يثبت ذلك لهم بقول موسى عن الله تعالى إنه منعه ذلك وهم كفار بموسى عليه السلام، فكيف يفيدهم غيره من الله بامتناع ذلك، فهذا أوضح مصداق لأن موسى عليه السلام إنما طلب الرؤية لنفسه اعتقادا لجوازها على الله تعالى، فأخبره الله أن ذلك لا يقع في الدنيا وإن كان جائزا. عاد كلامه، قال (وقوله أنظر إليك وما فيه من معنى المقابلة الخ).