الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ١١٥
له لا يرفع إمكان استقراره، وتعلق العلم لا يغير المعلوم ولا ينقل حكمه من إمكان إلى امتناع ولا العكس، وحينئذ يتوجه دليلا لأهل السنة فنقول: استقرار الجبل ممكن، وقد علق عليه وقوع الرؤية، والمعلق على الممكن ممكن، والمعتزلة يعتقدون أن خلاف المعلوم لا يجوز أن يكون مقدورا، ونحن نقول مقدور ولكن ما تعلقت المشيئة بإيجاده وقولنا أقعد بالآداب وأسعد بالإجلال في الخطاب. عاد كلامه، قال (ومعنى وخر موسى صعقا وخر مغشيا عليه غشية كالموت. وروى أن الملائكة مرت عليه الخ) قال أحمد: وهذه حكاية إنما يوردها من يتعسف لامتناع الرؤية فيتخذها عونا وظهرا على المعتقد الفاسد. والوجه التورك بالغلط على ناقلها وتنزيه الملائكة عليهم السلام من إهانة موسى كليم الله بالوكز بالرجل والغمص في الخطاب. عاد كلامه، قال (فإن قلت: إن كان طلب الرؤية للغرض الذي ذكرته فمم تاب الخ؟) قال أحمد: أما دك الجبل فقد سلف الكلام على سره. وأما تسبيح موسى عليه السلام فلما تبين له من أن العلم قد سبق بعدم وقوع الرؤية في الدنيا، والله تعالى مقدس عن وقوع خلاف معلومه وعن الخلف في خبره الحق وقوله الصدق، فلما تبين أن مطلوبه كان خلاف المعلوم سبح الله وقدس علمه وخبره عن الخلف. وأما التوبة في حق الأنبياء فلا تستلزم كونها عن ذنب، لأن منصبهم الجليل ينبغي أن يكون منزها مبرأ من كل ما ينحط به، ولا شك أن التوقف في سؤال الرؤية على الإذن كان أكمل، وقد ورد: سيئات المقربين حسنات الأبرار. عاد كلامه، قال (ثم تعجب من المتسمين بالاسلام المتسمين بأهل السنة والجماعة الخ) قال أحمد رحمه الله: وقد انتقل الزمخشري في هذا الفصل إلى ما تسمعه من هجاء أهل السنة، ولولا الاستناد بحسان بن ثابت الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاعره والمنافح عنه وروح القدس معه لقلنا لهؤلاء المتقلبين بالعدلية وبالناجين سلاما، ولكن كما نافح حسان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءه فنحن ننافح عن أصحاب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أعداءهم فنقول:
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 111 112 113 114 115 116 120 129 130 132 ... » »»