قال أحمد: ودعواه أن النطر يستلزم الجسمية قد سلف ردها. وأما تنزيهه موسى عليه السلام بنسبة اعتقاد استحالة الرؤية إليه فهو غني عنه. وأما إقناعه في تفصيله برجحانه عليه السلام في العلم بالله وبصفاته على واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد والنظام وأبي الهذيل والشيخين فهو نقص عن منصبه العلى، وأقل العوام المقلدين لأهل السنة راجح عند الله على أصحاب البدع والأهواء وإن ملئوا الأرض نفاقا وشحنوا مصنفاتهم عنادا لأهل السنة وشقاقا، فكيف بكليم الله عليه أفضل الصلاة والسلام؟ عاد كلامه، قال (فإن قلت: ما معنى لن؟ قلت: تأكيد النفي الذي تعطيه لا الخ) قال أحمد: لن كما قال تشارك لا في النفي وتمتاز بمزيد تأكيده. وأما استنباط الزمخشري من ذلك منافاة الرؤية لحال الباري عز وجل ثم إطلاق الحال على الله تعالى ما يستحرز عنه واستشهاده على أن لن تشعر باستحالة المنفي بها عقلا مردودا كثيرا بكثير من الآي كقوله تعالى - قل لن تخرجوا معي أبدا - فلذلك لا يحيل خروجهم عقلا، و - لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن - لن تتبعونا - فهذه كلها جائزات عقلا لولا أن الخبر منع من وقوعها، فالرؤية كذلك. عاد كلامه، قال (ثم حقق تعالى عند طلب الرؤية ما مثله عند نسبة الولد الخ) قال أحمد: نسبة جواز الرؤية إلى الله تعالى عند الزمخشري كنسبة الولد إليه وهذا مفرع على المعتقد السالف بطلانه، وليس له في هذا الفصل وظيفة إلا تتبع الشبه لامتناع الرؤية تلقفها من كل فج. والحق أن دك الجبل إنما كان لأن الله عز وجل أظهر له آية من ملكوت السماء، ولا تستقر الدنيا لإظهار شئ من ملكوت السماء وهذا هو المأثور عن السلف في هذه الآية، ومعناه عند أبي الحسن رحمه الله فعل فعلا سماه تجليا، وكأن الغضب إما لأنهم طلبوا رؤية جسمانية في جهة، وإما لأنهم كتموا الخبر بأنه لا يرى في الدنيا، وإما لأنهم كفروا بالاقتراح أو بالمجموع.
عاد كلامه، قال (ومعنى فإن استقر مكانه: فإن ثبت: كما كان ذاهبا الخ) قال أحمد: وهذا من حيل القدرية في إحالة الرؤية يقولون قد علقها الله على شرط محال وهو استقرار الجبل حال دكه، والمعلق على المحال محال، وهذه حيلة باطلة، فإن المعلق عليه استقرار الجبل من حيث هو استقرار وذلك ممكن جائز، وتعلق العلم بأنه لا يستقر