الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ١٠١
قد صرح السير عن كتمان وابتذلت * وقع المحاسن بالمهرية الذقن فالحقيقة أن الضياطرة تشقى بالرماح والمهرية تبتذل بالمحاجن، فعدل عن ذلك تنبيها على أن الرماح قد تنقصد وتتقصف في أجوافهم، فعبر عن ذلك بالشقاء، وأن المحاجن كثيرا ما ترفع وتوضع وتستعمل في ضرب المهرية وربما تمزقت عن ذلك، فجعل ذلك ابتذالا لها، وقد حام أبو الطيب حول هذا النوع كثيرا في أمثال قوله:
والسيف يشقى كما تشقى الضلوع به * وللسيوف كما للناس آجال والمراد بشقاء السيف انقطاعه في أضلاع المضروب كما صرح بذلك في قوله:
طوال الردينيات يقصفها دمى * وبيض السريجيات يقطعها لحمي الوجه الثاني قلب معرى عن هذا المعنى البليغ، ولذلك لا يستفصح كقولهم: خرق الثوب المسمار وأشباهه، وعلى الوجه الأول الأفصح جاءت الآية على هذه القراءة وهو الوجه الرابع من وجوه الزمخشري، وفي طيه من المبالغة ما نبهت عليه. وأما الوجه الثاني وهو أن ما لزمك فقد لزمته ففيه نظر من حيث إن اللزوم قد يكون من أحد الطرفين دون الآخر، ولزوم موسى عليه السلام لقول الحق من هذا النمط. وأما الوجه الثالث فلا يلائم بين القراءتين، وقد ذكر لها وجه خامس وهو أن يكون على بمعنى الباء: ونقل رميت على القوس بمعنى رميت بالقوس، وهو وجه حسن يلائم، والله أعلم. ويشهد له قراءة أبي: حقيق بأن لا أقول.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 95 96 99 100 101 103 105 106 107 108 ... » »»